كتّاب

غضبوا لـ «نية» نقل السفارة ولم يغضبوا لافتتاحها !!

أين هي مسؤوليات العالم الديمقراطي الحر وأخلاقه ودساتيره وضميره وشرائعه ودياناته تجاه الإجرام والوحشية والمذابح الإسرائيلية المتكررة منذ أربعينيات القرن الماضي!!
أدان العالم إسرائيل مئات المرات في الأمم المتحدة ومنظمات وفي مجلس الأمن الدولي. فالجرائم معروفة ومكشوفة وموصوفة ومنها 2700 جريمة اغتيال ارتكبها الموساد منذ تأسيس إسرائيل ولن تكون آخرها مذبحة غزة!!
أين هي الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي ومنظمة الوحدة الافريقية من القيام بمسؤولياتها؛ لتوفير حماية دولية للشعب العربي الفلسطيني من الذبح والإرهاب والترويع والاعتقالات والتنكيل والوحشية المتواصلة.
ألا يسأل العالم لماذا يقدّم الشعب العربي الفلسطيني 63 شهيدًا و2800 جريحٍ في يوم واحد في قطاع غزة؟! أليست هذه أبرز الأدلة الدامية على أنه صاحب حق وأنه مصرّ على بلوغه؟ وعلى وحشية المغتصب واستحالة نجاته بغنيمته؟!
وتتجلّى الغرابة والنفاق والدجل حين نلاحظ أن الموقف العربي والإسلامي والدولي، كان حين «اتجهت النية» لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، أقوى مما هو عليه بعد افتتاح السفارة الأمريكية في القدس وبعد وقوع مذبحة غزة!!
إن موقفنا الأردني من القدس وفلسطين معمّد بالدم والشهداء. فما يجري هناك هو مسألة أمن ديني. وأمن وطني أردني. فقد خضنا 39 معركة على أرض فلسطين دفاعًا عن عروبتها خلال عامي 1947 و 1948. وفي معركة أسطورية مجيدة واحدة، هي معركة تل الذخيرة في القدس، كان عديد القوات الأردنية 101 استشهد منهم 97 ضابطًا وجنديًا وأسر 4 جنود وجدوا جرحى في الرمق الأخير. أليست هذه من أعلى نسب الخسائر العسكرية ومن أبرز مؤشرات ضراوة القتال في معارك العالم؟
وكما قال ملكنا الهمام، الذي يوشك أن يكون وحيدا في التصدي للعدوان على القدس وعلى حقوق شعب فلسطين العربي، إن القدس هي مفتاح السلام. واشتقاقا من ذلك أقول: إن القدس هي أيضا مفتاح الحرب والمقاومة والعنف والاستقرار في المنطقة والعالم. فالقدس التي تم  احتلالها 36 مرة عبر تاريخها الطويل، وآخرها الاحتلال الراهن، قد حررت 35 مرة. وسيتم تحريرها المرة 36!!
كل الاحتلالات تزول. الاحتلالات تكنسها الشعوب وتقتلعها. الاحتلال الفرنسي للجزائر دام 132 سنة وخلّف مليون شهيد وانكسر وانكنس. والاحتلال النازي لأوروبا انكسر وانكنس. والاحتلال البريطاني للهند ولبلادنا والفرنسي لسوريا ولبنان وتونس والمغرب والهند الصينية انكسر وانكنس.
تكنس الشعوب الاحتلالات مثلما تكنس النفايات.
والاحتلال لا يزول من تلقاء نفسه. الاحتلال لا يملّ من النهب ولا يتعب من الذبح فيترجل. والاحتلال ليس قدرًا. الاحتلال قابل للهزيمة وليس قابلاً للخلود والأبدية، شريطة توفر شرطين:
1. الوحدة الوطنية.
2. الجبهة الوطنية.
لا حرية ولا استقلال ولا نصر بدون هذين الشرطين البدهيين المجرّبين.

محمد داودية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *