كتّاب

حسابات معقّدة : رحلة استكشاف تحدّيات الدولة ومفاتيح الإستقرار ضمن الواقع الجيوسياسي

بقلم: سند ابو حسان

حالمٌ في التنظير واقعيٌ عند التطبيق. أنحاز للدولة عند الشدائد ولا أحمّلها ما لا طاقةَ لها به. أعي إكراهاتها وأستوعب مفاعيل تعاطيها مع الجيوسياسي. أتدافع وأشتبك ، فلست ممن يتملق ويستجدي ، أفهم تقاطعات وتناقضات ما أشتبك وأتدافع من أجله ، ولكن ، بدور الناظر المتابع المقيّم المُساءل لأسس وآليات استجابة الدولة -بفروعها وأركانها- لهذه الإكراهات. أسعى لإنضاج الحالة الوطنية وتشرّب سرديتها والتي تُعزى بشكل رئيس لنشأة الدولة وشرعياتها ، أُقدّر السعي الحثيث لإستدامتها بما لا يُحرجها ويضمن لها استقرارها ، وأحاول جاهدًا التصالح مع كافة هذه الجهود.

ولكن ، هل الجيوسياسي والتوازنات الإقليمية والدولية تستوعب حساسيات الدولة وإشكالاتها ، حتى نلتفت للخيار الخارجي في دعم إستقرار الدولة ، أم نخوض في مسار تحولّي ونلجأ للخيار الداخلي وتمتين جبهتنا لغايات الإستجابة لهذه الإكراهات ؟! وهل لهذا الحليف أو ذاك قدرٌ لا بأس فيه من إدراك ما للدولة وما عليها في إطار عقدٍ اجتماعي طوعي ذا منافع متقابلة مع قواعد دعمها والتي تآكلت وتصدّعت ؟! ولماذا لا يبحث ذلك الحليف إلّا في دور الأردن الجيوسياسي ؟! نعم ، لأن الجيوسياسي يخدم مقاصده ، والأردن – الداخلي – ليس ذا أولوية .

لأيٍ تحوّلٍ ديمقراطي فاتورة تُدفع في الداخل وأيضًا في إطار الجيوسياسي ، ولكن إنضاج “ماكينات” صناعة “النخب” وتثقيفهم والحذر من تجهيلهم وتزييف وعيهم بالكاد يُقلّص من قيمة هذه الفاتورة مع ضرورة إطلاق الحريّات الفرديّة والعامّة وتعميق الحالة التعدّدية حتى لا يمتلئ الفضاء العام بمقاربةِ طيفٍ واحد -والمتحالفين معه- ، سالكين مسربًا أُحادي يقود الوعي العام الجمعي . وإن تبنّي الوعي العام للرواية أحادية الجانب توضّح مدى هشاشة باقي القوى وضُعفَ حِجّتها ، منها “الموالية” و “الخواجات” على حدِّ وصف نائب رئيس الوزراء الأسبق. والأجدر بنا دومًا عند هذه المُنعطفات أنا لا نوجِّهَ بأصابِعَ الإتهام نحو أيِّ طيفٍ بقصدِ تَعريته من وطنيّته عُنوة ، فيُستَهدفُ ويُدان وندخل بالنتيجة ، مرّةً تلو المرّة في حلقاتِ الإقصاءِ والتّخوين -ولربما توظّف تفاديًا لإرتدادات وإرهاصات الجيوسياسي والوعي العام الجمعي- . فلكلِّ طيفٍ أو تحرُّكٍ شعبي أسلوبٌ وسقف ، ومقاربة مختلفة في مسار الإشتباك مع آليات تعاطي الدولة مع هذه الإكراهات.