بعض الدول الغربية تبدع في استقبال شهر رمضان المبارك شعورا مع مواطنيها الصائمين، منهم من يخفض ساعات الدوام لهم، ومنهم من يقدم عروضا على المواد التموينية، ومنهم من يقيم إفطارات جماعية، ومنهم من يعفي المتاجر والمطاعم من الضريبة خلال هذا الشهر.
في الأردن استقبلنا رمضان بحادثة الصوامع المفجعة، وإقرار مشروعي قانون للضريبة والجرائم الإلكترونية، وبكل تأكيد سيتم رفع أسعار البنزين نهاية الشهر الحالي!
وأنا أتابع الأخبار المحلية عادة ما أجد: تحويل مبنى وزارة الى مبنى صديق للبيئة بتمويل من الاتحاد الأوروبي، تجربة زراعة فراولة بتمويل من الحكومة الألمانية، إنارة طريق سياحي بتمويل من الحكومة الكندية، مكافحة الذباب في الأغوار بتمويل من الحكومة الأسترالية، أجهزة غسيل كلى لأحد المستشفيات بتمويل من الحكومة الفرنسية، حتى الحفاظ على القنافذ في محمية ضانا كان بدعم وتمويل من الحكومة اليابانية!
مع كل ذلك، وتأتي الحكومة لتقر قانونا جديدا للضريبة بهدف تحسين الخدمات مع أنها لم تعد تموّل حتى شراء طباشير المدارس.
في الدول التي تجني من مواطنيها ضرائب، إذا دخل أحدهم إلى المستشفى ولم يجد الدواء متوفرا استقال وزير الصحة، وإذا انقطعت المياه عن منزله تم محاسبة وزير المياه، حتى إذا المواطن بده يطش من مسؤولية الحكومة أن توفر له المتنزهات العامة وأماكن الشوي، حكوماتنا المتعاقبة منذ عشرات السنين ورغم كل القروض والمنح والضرائب لم تستطع أن توّفر على مدى مساحة المملكة حماما عاما يصلح للاستخدام البشري وهو من أبسط حقوق البشر، فكيف تطالبنا بمزيد من الضرائب!
تزامن إقرار مشروع قانون الضريبة الجديد مع انقطاع الكهرباء في أحد المستشفيات الحكومية في جرش ولم تعمل حتى المولدات، ما تسبب في توقف أجهزة غسيل الكلى وغرف الإنعاش!
قريبا جدا، وحين نذهب الى زيارة أي مريض قد لا يكون هناك حاجة لأن نأخذ له الموز والعصير والتفاح، بل لوكس يدوي أو علبة شموع أو مصباح كاز حتى يضيء غرفته!
وحين تسأل عن فلان من شو مات؟! لن يقولوا لك: سكتة قلبية، بل سيقولون: الله يرحمه سكت الماتور، وقد تجد منشورا على فيسبوك يطالب أهل الفزعة بضرورة التبرع العاجل لأحد المرضى بليتر ديزل أو بنزين حتى يعمل المولد!
أما الموتى ولأن الثلاجة قد تكون معطلة، فقد نستلمهم من على حيط المستشفى؛ حيث يتم تبريدهم على الندى مثل التين والعنب!
وزير الصحة قام مشكورا بزيارة المستشفى، وأكد ضرورة صيانة المولدات حتى لا تتكرر مثل تلك الحوادث وانتهى الأمر من دون حتى أن يوجه تنبيها شفويا لأي مسؤول. لو وقعت هذه الحادثة في أي دولة تحترم مواطنيها، لما تجرأ أي مسؤول أن يطل على الشعب لا أن يقر قانونا للضريبة، ولأصبحت الحكومة بكاملها على قوائم تقاعد الضمان الاجتماعي.
قبل التسرع لإقرار قانون الضريبة، تفقدوا المولدات، ووفروا المقاعد الدراسية، وقوموا بصيانة الطرق، ومن ثم قولوا لنا: تعال ادفع!
أما أن أدفع، وحتى بكم الرش الذي كان يقوم بمكافحة القارص لم نعد نراه، فهذا ما يثير الغيظ والرفض وعدم قناعة الناس بتحمل المزيد من الضرائب.
سلسلة الرفع وجني الضرائب هذا العام كانت قاسية بحيث يصلح معها الدعاء في كل لحظة: اللهم إني أردني!
صالح عربيات