كتّاب

سيوفهم أطول من قاماتهم

الكبار يحافظون بالطبع، على أصول الخصومة وقواعدها وتقاليدها، فلا يخاصمون السفهاء الصغار والنكرات الذين يجهدون ويتطلعون الى القامات السامقات، يتحرشون بها ويتعربشونها، ليخرجوا من الظلمة والعتمة والرطوبة والحفر التي يعلقون ويقبعون فيها، الى الذرى والعلى، والى مستوى الكبار.
يعمد السفهاء والصغار والنكرات الى استفزاز الكبار، محاولين الركوب والتعربش على اسمائهم النظيفة، وامتطاء مخاصمتهم، على طريقة حصان طروادة، للعبور من خلاله، إلى اهدافهم الصغيرة الوضيعة، ولتحقيق شهرة، لا يمكن ان تتحقق لهم، بالإيقاع الطبيعي للتطور والنمو!!
ناهيك عن ان منهم من يرتضي -لا بل يتذلل- ويسعى الى القيام بدور مخلب القط، مقابل عشرة من الفضة.
كان الفيلسوف والمفكر اللبناني المرحوم كمال جنبلاط (صاحب الروح الفولاذية) زعيم الجبهة الوطنية القومية اليسارية التقدمية في الحرب الاهلية اللبنانية، على خصومة طويلة عنيفة مع احد السياسيين اللبنانيين فدخل عليه في مجلسه الحافل بالزوار في المختارة أحد أعوانه وهو يصرخ: أبشرك أبشرك يا زعيم، الكلب مات. مات فلان.
فوقف المبدئي كمال جنبلاط مندهشا وهو يقول للرجل: يرحمه الله ويلعنك. هل تعني انني كنت اخاصم كلبا طيلة 20 سنة !!. لقد كان خصمي زعيما كبيرا، وقد شرفني أننا تخاصمنا بشرف!
جزء مما نحن فيه اليوم، من تطاول فظ ارعن على اعراض الناس، وتناول جلف بذيء لخصوصياتهم، ودون الوقوف عند الحرمات، يقوم به نفر من الصغار المصابين بلوثة نشر الاشاعات وتخليق الأحداث وتبهيرها. نفر من الباحثين عن الشهرة يتوسلون إليها بالباطل والضلال والظلم.
الكبار الكبار يعرفون مرامي السفهاء الصغار ولا يتوقفون عندهم ولا يسمحون لهم أن يتعربشوا عليهم على قاعدة ان علاج السفيه سفهه و(خسره) اي اهماله.
والمضحك أن من يعقدون المحاكمات ويحاكمون ويدينون، هم اولئك الجهلة الذين يعقدون محاكم تفتيش ومجالس سخرية ولجان تشليح وهيئات تشريح واتهام. الذين ينتهكون الخصوصية والقانون ويلوكون الأعراض، وهم لا يتحلون بالأهلية الأخلاقية، ولا يتمتعون بالمعرفة ولا بالخبرة.
هم مناضلو الغفلة والإعلام اللعان ومواقع التواصل الاجتماعي. ذوو الصوت العالي الخادش، المزاودون، المتوحشون، مدعو الطهارة والوطنية، الذين يفتقرون إلى مكارم الاخلاق والذوق. الذين لا يتقنون الإملاء ويعدون على اصابعهم.
«المتحمسون الأوغاد» حسب توصيف كاتبنا الساخر الكبير الفقيد محمد طمليه.
واختم بتوصيف الشاعر بديع الزمان الهمذاني الذي يؤكد ضعف وهشاشة وعجز المتنطعين اذ يقول:
سترى حين ينْجَلي الغبارُ،
أفرسٌ تحتك أم حِمَارُ !!

محمد داودية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *