لن تنتصر التنظيمات العسكرية، في جنوب سوريا، سواء كانت معتدلة او متشددة، لان الميدان مختل، لصالح النظام والروس وحزب الله، ومن معهم من جماعات وميليشيات.
لا يمكن اسقاط العنصر المادي في تحليل المشهد جنوب سوريا، اذ كيف يمكن لمن يحمل بندقية او رشاشا، ان يقف في وجه دبابة او طائرة عسكرية، تلقي بأطنان المتفجرات على رؤوس هؤلاء، وعلى المدنيين في الوقت ذاته، وهذا يقودنا الى السؤال عن الجدوى من عدم الوصول الى تسوية، والخروج من مناطق جنوب سوريا، الى اي مناطق اخرى، ورحمة المدنيين الذين يتعرضون لكل اصناف العذاب من النظام ومن هذه القوات معا، وبحيث بات هؤلاء اللحم المحترق في هذه المعركة؟!.
التنظيمات، ايا كانت برامجها وشعاراتها، تتسبب بعذابات اضافية للسوريين، الذين فر منهم مئات الالاف الى الحدود مع الاردن، والى داخل سوريا، هذا فوق سقوط عشرات القذائف على الاردن، جراء الاقتتال بين كل الاطراف، وبحيث باتت المعاناة مضاعفة، واذا كانت هذه التنظيمات ترى في الوصول الى تسوية، بمثابة استسلام، فهو خير بكثير، من التضحية بالمدنيين، مثلما نرى اليوم، خصوصا، ان لا جدوى من استمرار العناد، والقتال، في ظل اختلال موازين القوى.
بكل صراحة، لم يعد هناك اي جدوى في مقاتلة النظام السوري، واذا كانت التنظيمات ترفع شعارات دينية وقومية ووطنية، فان اول تطبيقات لهذه الشعارات، هي فك اسر مواطني جنوب سوريا، بدلا من تعذيبهم مرتين، مرة بنيران النظام، ومرة بتحكم التنظيمات في وجودهم وحياتهم.
التنظيمات ذاتها تقول ان النظام سوف ينتقم من المدنيين، اذا استسلمت هذه التنظيمات او توجهت الى مواقع اخرى، لكننا مع قسوة الحكم على النظام وافعاله، لم نره ينتقم من المدنيين في المدن والمناطق التي دخلها سابقا، ولربما عاقب من عمل مع هذه الجماعات وهذا امر مختلف تماما.
خروج التنظيمات من مناطق جنوب سوريا، بات الحل الوحيد، بعد انهيار مناطق خفض التصعيد، من جهة، ونشوب معركة غير متكافئة، اساسا، بين النظام والروس ومن معهم وهذه الجماعات، والكل يدرك ان استمرار التمترس بين الاحياء والمدنيين وفي البيوت، سيؤدي الى كوارث اضافية، سيدفع المدنيون السوريون ثمنها، كما جرت العادة.
هذا هو الحل الوحيد، اي خروج الجماعات المسلحة، وقبولها لتسوية ايا كانت شروطها، وهذا الحل، يرحم المدنيين من جهة، ويوقف ازمة التدفق الى الحدود الاردنية السورية، واذا كان هذا الحل يرفضه كثيرون، باعتباره مجرد هزيمة، فهو ليس جديدا، فقد سبقته هزائم كثيرة.
استسلام الاف المقاتلين، ومغادرتهم الى مواقع اخرى، خير بكثير من تشريد مئات الالاف وقتلهم.
ماهر ابو طير