هذا هو الاستدراج الاخطر الذي يواجهه الفلسطينيون، اذ ان كل ردود الفعل ازاء القانون الذي اقره الكنيست الاسرائيلي، حول يهودية اسرائيل، تتمحور حول ان القانون عنصري، وسيؤدي الى التمييز ضد الفلسطينيين الذين يحملون جوازات سفر اسرائيلية، في فلسطين المحتلة عام 1948.
هذا ليس اصل القصة، وكأننا هنا نطالب فقط باحترام المكون الفلسطيني، في دولة الاحتلال، ومنحه حقوقه وعدم التمييز ضده، برغم ان المشكلة تتعلق بمغزى القانون، بشأن هوية فلسطين المحتلة ذاتها، التي يقدمها القانون باعتبارها ارضا يهودية، فيما هي فلسطين فقط.
الفرق في الدلالات، واضح، واذا كان البعض يتخوف من نتائج القانون على تواجد الفلسطينيين على ارضهم في فلسطين 1948 ويحولهم من اصحاب ارض، الى مجرد مقيمين، بما يعنيه ذلك من نتاج ديموغرافية وقانونية، واحتمالات التهجير او الترحيل، وغير ذلك من توقعات، فإن الاخطر يتعلق بهوية المكان الكلية، وليس بدلالات التمييز والعنصرية، وكأننا نقبل الاحتلال، ونريد منه فقط، ان لايكون عنصريا، وان لايميز بين مواطنيه الاسرائيليين، من كان منهم يهوديا، او فلسطينيا مسلما او مسيحيا، او من اي قومية اخرى.
المؤسف ان التحليلات تتورط في قصة العنصرية والتمييز، وكأن العنصرية والتمييز، لم تكن قائمة قبيل هذا القانون، وايضا نتورط في دلالات المطالب هنا، وبدلا من التأكيد على عدم شرعية الاحتلال في الاساس، تصير كل القصة، قصة المطالبة بحقوق المساواة مع اليهود في فلسطين 1948، وهذا يعني ان اسرائيل لو خرجت غدا، واكدت ان لاتمييز ولاعنصرية، فقد يقبل البعض بدلالات القانون، باعتبار ان حقوق « بقية الاقليات» مصانة، وفقا للمفهوم الاسرائيلي.
كلما حرفنا النقاشات عن اساسها، جاءت النتائج عكسية، وهذا ما يتوجب ذكره مجددا، لان القانون ايضا لا يمكن ان نقرأه دون السياق الاوسع، ما يجري في القدس، وما يجري في غزة، وتهويد كل فلسطين، ومنع قيام دولة فلسطينية، حتى على ما تبقى من الضفة الغربية، اضافة الى ما نراه من دعم اميركي لاسرائيل وصل الى حد ازالة كل الموانع امام الاسرائيليين لتنفيذ مخططاتهم.
أسوأ ما قد يواجه الفلسطينيين اليوم، في فلسطين المحتلة عام 1948، دفعهم للمطالبة بحقوقهم المنقوصة بعد هذا القانون، لان تحويل القصة من احتلال، الى قصة عدالة ومساواة، وعدم وجود تمييز وعنصرية، دفع خبيث جدا، ويحشرنا فعليا في اطار الاعتراف بالاحتلال، مع مطالبته بتلطيف احتلاله لهذه المناطق، واهلها، عبر منحهم شرف المساواة مع الاسرائيلي في الحقوق والواجبات.
من شعار تحرير كل فلسطين، الى شعار لاتميزوا بيننا وبين الاسرائيليين، فكلنا من مواطني دولة اسرائيل، تتجلى الكارثة الكبرى التي يتم استدراجنا اليها هذه الايام، تحت عنوان يقول ان المواطنة الاسرائيلية يجب ان لا تسمح بالعنصرية والتمييز، فيما القانون الجديد يسمح بهما.
ماهر ابو طير