كل هذه التقارير عن المداهمات، لمواقع مختلفة، تقوم بصناعة السجائر، تقودنا الى سؤال آخر، حول الحكومة واين كانت اجهزتها ومؤسساتها طوال هذه السنين؟!.
لولا ان يقال اننا نبالغ بالسلبية، لتم وصف الحكومة -أي حكومة- بالغائبة، عما يجري داخل البلد، او ان هناك حماية لكل هذه التجاوزات، وهذه الحماية تعني فعليا، وجود اختراقات، وشراء للذمم، في كل مكان، والا بماذا يمكن ان نفسر قدرات الحكومة، اذا ارادت، بأن تعرف اصغر معلومة عن اي شخص او طرف، مقابل عدم رؤية كل هذه التجاوزات، الا بعد فتح الملف وبدء التحقيقات؟!.
هذا يعني بشكل مباشر وواضح، ايضا، ان هناك ربما كوارث اخرى، من بينها زراعة الحشيش مثلا، في بعض المناطق، او وجود مصانع للمخدرات، او مخازن للاسلحة، لان كل شيء، بات ممكنا ومحتملا الان، ولن يكون غريبا، ان نسمع غدا او بعد غد، عن اسرار جديدة، تكشف لاول مرة.
اين كانت الحكومة، واين كانت شبكاتها، واين كان المواطنون، ولماذا لم يصحُ ضمير شخص واحد، من اولئك الذين يعملون مع كل هؤلاء للابلاغ عما يجري، واين كان كل اولئك، وهل شراكتهم في المنفعة، كافية ، خصوصا، ان هناك طبقة بسيطة، لا تستفيد مالا كثيرا، لكنها مقابل مجرد رواتب صغيرة، تتشارك في كوارث كبرى، مثل التي رأيناها، وسمعنا عنها؟!.
خلال السنين الفائتة، كانت كل محال السوبرماركت، ومحلات القهوة، تبيع هذه السجائر بأصنافها، والكل يشتري منها، واذا سألت البائع عن مصدر السجائر، قيل لك انها مهربة من المنطقة الحرة في المطار، او من لبنان، او من سوريا، وكانت كثرة تسأل نفسها، عن الكيفية التي يتم فيها التهريب من لبنان الى سوريا ثم الاردن، وجنوب سوريا يشتعل بالحرب، هذا فوق ان الكميات التي تغرق البلد من شماله الى جنوبه، لا يمكن ان تكون مهربة من حيث الكمية من المنطقة الحرة في المطار، فأين كانت كل الاجهزة المعنية بما يجري، بعد ان باتت صناعة السجائر المزيفة، دولة داخل الدولة؟!.
هل يمكن للحكومة ان تجري فحوصات مخبرية على السجائر المصادرة، لمعرفة المواد المضافة اليها، من اجل اشهار تقرير حول ما فيها، اذ تتردد معلومات، بحاجة الى نفي او تأكيد، ان هناك مواد قاتلة مضافة، فوق ما في السجائر اساسا، من سمية، واضرار، وهذا يعني ان القصة ليست قصة امن اقتصادي، وتهريب وتزييف وتهرب من الرسوم الجمركية، بل تصل الى تهمة الشروع بالقتل، اذا ثبت ما يتردد عن مواد معينة مضافة، ممنوع اضافتها، ولها اضرار خطيرة غير المعروفة للسجائر؟!.
على الرغم من كل هذه الاستخلاصات، الا اننا نشعر برضى امام هذه الحملات، لتطهير البلد، من هذه العصابات، لكن المراهنة اليوم، على ما هو مخفي في قطاعات اخرى، لان الفساد موجود، وليس غريبا، ان نكون امام عوالم اخرى مخفية في هذا البلد، وهذه هي المراهنة الحقيقية، اي توفير الدعم السياسيللمؤسسات، وعدم التراجع لاي سبب كان، والدخول الى ما خفي واعظم، ان استطاعوا الى ذلك سبيلا.
ماهر ابو طير