كتّاب

الأردنيون.. أسئلة مبعثها الوجدان

في إحدى أجمل قصائده الشعرية التي أطربت الأردنيين وأسعدتهم وحملت أبياتها أجمل الرسائل التي صاغها حبيب الزيودي مقطع يقول “وإذا تبدلت الأيام.. حنا ما تبدلنا”. ويأتي في سياق القصيدة التي كانت ضمن عشرات القصائد التي استدارت حول جغرافيا الأردن وملامح هوية أهله وقيمهم وحبهم وتعلقهم بقيادتهم. “صباح الخير يا عمان يا حنا على حنا.. ويا فوح الخزاما والندى ويا ريحة الجنة….” الى آخر القصيدة التي ظلت أكثر الأغاني إشغالا لفضائنا الإعلامي لأكثر من عشرة أعوام.
قبل ذلك وبهواجسه البدوية صاغ لنا حبيب قصيدته الأجمل التي شكلت قراءة الشاعر للحدث السياسي، فقال “هلا يا عين أبونا وضو ديوانه.. وهلا يا واسطا للبيت والأشراف عمدانه”، بتلك القصيدة أشعرنا حبيب باستمرارية النهج وبدد من خلال الشعر والمغناة القلق الذي قد يتولد في النفوس ليقول لنا إن الأردن سائر على الطريق بثقة وأمان، فالملك الشاب هو قرة عين الملك الذي أحبه الناس وبكته الأمة وحزن على رحيله العالم.
القصائد الجميلة التي جسدت الكثير من المعاني العربية الأصيلة كانت تحرك وجداننا ووطنيتنا، فما إن تصدح موسيقاها حتى ننتظم في حلقات الدبكة سواء كنا حداثيين أم تقليديين، الصغار والكبار والنساء والشيوخ رددوا الكلمات التي غنتها أنغام ومتعب الصقار واللوزيين ويحيى الصويص وعباد الجوهر وغيرهم من النجوم العرب.
لقد رحل حبيب مع بدايات الربيع العربي ورحلت معه رومانسية الكلمة واستولت على الخيال الشعبي حمى التغيير والإصلاح وتبدلت مشاهد الأخبار من حولنا وأصبحت المنطقة مسرحا للحرب على الإرهاب الحقيقي والمصطنع وتسلل الى صفوفنا الكثير من المرتزقة والفاسدين والمفسدين واختلطت الأوراق وتدهورت الكثير من القيم التي جملتها الأغاني والحكم والأشعار.
اليوم، وعلى وقع قصص الفساد والتهريب والتجاوزات التي ارتكبها البعض بحق الوطن وأمنه وسمعته.. وسط مزاج شعبي حاد يتطلع الناس الى مزيد من الاطمئنان ويتوقعون إطلالة مليكهم ليقول لهم إن كل شيء على ما يرام.
فالملك في الوجدان يختلف قليلا عن الملك في الدستور، والملكيات في كل الدنيا وحتى المجتمعات الأوروبية تعني حكما مستمرا بتقاليد يحترمها الجميع ويطمئن لها الشعب.
الأسئلة التي يطرحها الناس في الشارع تعبر عن القلق حول ما يجري ليس على الساحة الداخلية فحسب بل على الساحتين الإقليمية والعالمية. والأردنيون يعبرون عن حبهم لاستقرار مملكتهم ويدعمون توجهات حكومتهم الإصلاحية.
الأردنيون يقولون بطرق مختلفة إنهم يقدرون مواقف قيادتهم فيما يخص القضية الفلسطينية وشجاعتها في إرساء مبدأ الحق في الاختلاف حتى مع الإدارة الأميركية، ويتطلعون الى المزيد من الإصلاحات السياسية التي تفرز مجالس تمثيلية تتحمل مسؤولياتها بقدرة وكفاءة ومهنية.
اليوم يحتاج الأردنيون الى من يضيء لهم مسارات رحلة المستقبل ويسلط الضوء على المخاطر ويعيد للشعب مزاجه المعتدل، فالنظام وسيادة القانون والبلاد تحتاج دائما الى إطلالات رأس الدولة وحادي الركب حسب وصف شاعرنا الكبير حيدر محمود.

د. صبري الربيحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *