كتّاب

ملفات الحل النهائي

بدأ ترامب ونتنياهو بمعالجة ملفات الحل بطريقتهم الخاصة، ومن جانب واحد والعرب والفلسطينيون ينظرون إلى مصيرهم المحتوم بلا حول ولا قوة، وكأنهم بين النوم واليقظة وكانهم لا يكادون يبصرون ما يجري أمامهم وأمام العالم كله.
بدأت المسألة بملف القدس، حيث كانت حيثيات هذا الملف تسير بشكل متدرج نحو هذه الغاية منذ زمن بعيد، وكانت خطوات الاحتلال في هذا المسار تسير وفق برنامج مرسوم، من حيث تفريغ القدس من أهلها ومنعهم من البناء والتجديد، والقيام بعمليات الهدم المستمر، وعملية الاستيلاء على أموال الغائبين، بالاضافة إلى القيام بشراء البيوت والأراضي من أصحابها، وشراء الأرض الوقفية للكنيسة الأرثوذكسية، وقد عمدو إلى كثير من الطرق الاحتيالية في سبيل الاستيلاء على القدس الشرقية والحصول على الاغلبية، وقد تمت بعض الخطوات الاحتيالية بمساعدة بعض الدول العربية التي أرسلت مواطنيها لشراء الأراضي من الفلسطينيين لحساب اليهود، كما أن قوات الاحتلال بدأت برنامج تدنيس الأقصى منذ زمن بعيد، والسماح بدخول قطعان المستوطنين إلى أرض الحرم تحت حراسة الجيش، وعمدوا إلى تطبيق دخول المصلين والاعتداء عليهم بالضرب أكثر من مرة، إلى أن يتم تتويج هذه الخطوات بخطوة نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، زيادة في توضيح عملية ضم القدس لمن يريد أن يعلم الحقيقة ويتبين الخيط الابيض من الأسود.
الملف الثاني المهم هو الذي يتعلق باللاجئين وحق العودة حيث تشير كل الدلائل إلى شروع نتنياهو وترامب بالخطوات النهائية نحو اسدال الستار على ملف اللجوء على طريقتهم أيضاً، وخطوات انهاء هذا الملف بدأت منذ ثمانية وستين عاماً، حيث تم قطع شوط كبير في هذا السياق عن طريق مشاريع التوطين الكثيرة والعديدة التي أصبحت بحكم الزمن حقيقة وأمراً واقعاً، تحت لافتات كثيرة وعناوين عديدة حققت نجاحاً ملحوظاً في عملية تضليل سياسي شعبي واسعة وعميقة، وأصبح بعض القادة الفلسطينيين يجهرون ليلاً ونهاراً باستحالة تحقيق حق العودة، ونشهد في هذه الاوقات جهودا محمومة لاغلاق هذا الملف وإزالة هذا المصطلح من القاموس العربي، وفي هذا السياق يجري إنهاء مؤسسة ( الاونروا )، بتجفيف التمويل أولاً، وسيعقب ذلك خطوات عملية أخرى.
بقي ملف المستعمرات وملف الحدود، وملف الأمن، وملف الدولة الفلسطينية، وعند النظر فيها جميعاً، فقد حقق العدو قدراً كبيراً من الانجازات نحو الصيغة النهائية المطلوبة، وكلها جرى العمل فيها وفق المنظور «الاسرائيلي « المدعوم أمريكياً، ولذلك فإن الاعلان عن موعد ( صفقة العصر) ما هو الاّ اعلان عن الاحتفال النهائي الكبير للتصفية عبر اخراج اعلامي لمواصلة مشوار تضليل الرأي العام العالمي بموافقة بعض زعماء العرب ومباركتهم.
وهنا ينبغي أن نتوجه بالسؤال إلى  كثير من الزعماء العرب والفلسطينيين ماذا قدموا إزاء هذه الملفات من خطوات فعلية على الأرض، فإذا كان هذا ما يفعله ( الاسرائيليون ) والأمريكيون على صعيد ملفات الحل النهائي، فماذا على العرب أن يفعلوا باستثناء العمل على اثارة الانقسامات الداخلية والاستجابة لدواعي الفتنة وعوامل التدمير الذاتي الممنهج.

د. رحيل غرايبة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *