كتّاب

سؤال المليون في “خلوة الحكومة”

حسب الأخبار، يفترض أن تعقد الحكومة غدا السبت “خلوة” تقر فيها برنامجها أو خطة عملها. وقد يكون على الوزراء التقدم ببرناج أو خطة عمل أو الأهداف لكل قطاع تحقق الإصلاح المنشود.
“نهكل” همّ الحكومة في الحقيقة لأن المطلوب هو إنجازات يلمسها المواطن خلال الفترة المقبلة في كل المجالات وخصوصا في مجال الخدمات، ولو أخذنا الصحة وحدها فهي تحد تنوء به الجبال. ولا أتخيل أن وزير الصحة يستطيع أن يقدم برنامجا للإنجازات التي سيحققها خلال عام غير التمنيات والنوايا العامة مثل “تحسين الخدمة” و”رفع” الكفاءة  و”تقليص الهدر” و”سدّ النقص”. لكن هل يستطيع أن يضع هدفا يلتزم به مثل تحويل المستشفيات الحكومية الى وحدات مستقلة ذاتيا كفؤة وفعالة؟! أو تغيير نظام الحوافز ورواتب الأطباء لرفع الإنتاجية ووقف النزيف في الكفاءات؟! أو إنجاز التأمين الصحي الشامل خلال 6 أشهر؟! (هناك دراسات اكتوارية مفترضة من سنوات) أو توفير كل التخصصات الناقصة خلال عام، أو تحقيق الربط الإلكتروني الشامل وقواعد البيانات (هذا المشروع يفترض أن يكون أنجز من زمن حكومات سابقة ومن خلال برنامج حكيم الذي يقال إنه كلف 200 مليون دينار ولم يحقق أهدافه وتحيط به شبهات الفساد!! وعلى ذلك قس من إصلاحات تتجرجر من سنوات، وثمة دائما تبريرات للقصور والاستسلام لواقع الحال المتردي باطراد).
أخذت وزارة الصحة مثلا لقربها من الناس وضخامة دورها الخدمي، ولا أقصد معالي الوزير ذاته، ويمكن قول الشيء ذاته عن قطاع النقل مثلا ومعظم القطاعات الأخرى؛ حيث السمة العامة هي التدهور والتراجع والعجز عن تحويل الأهداف التي توضع الى برنامج عمل والتزامات محددة يتم المحاسبة عليها.
خلوة الحكومة قد لا يتمخض عنها شيء غير ما ألفناه مع كل حكومة سابقة، لكن قد تكون أكثر عملية وتذهب باتجاه اختيار عدد محدود من الأولويات لكل قطاع بدل البرامج الشاملة. لكن أشك أن يكون ذلك وحده مقنعا للجمهور. فالرئيس يحظى شخصيا بثقة الناس، لكن الشكوك عميقة وكثيرون يضعون أيديهم على قلوبهم خوفا عليها من السقوط، فمن يقنع قاعدة الاحتجاجات الساخطة بعدها؟! وثمة امتحان جديد كل يوم والآن هناك امتحان “كسر ظهر الفساد”، وفق تعبير جلالة الملك، ويقف الناس على أطراف أصابعهم بانتظار “الأسماء الكبيرة”، وليس بيد الرئيس تقديمها، فالأمر عند الادعاء العام سند لما يتوفر من أدلة وبينات لتوجيه الاتهام.
كما قلت “نهكل” همّ الرئيس والحكومة كيف يخرجان من الخلوة بشيء مقنع، فلو عادا الى الأدراج سيجدان كل شيء؛ البرامج والخطط والقطاعات والكلف والجداول الزمنية، وهي قد لا تحتاج الى تعديل! لكن أنا لا أستبعد أن أصحاب التجربة من الوزراء كونوا قناعة داخلية عن برامج الإصلاح خلاصتها “مفيش فايدة.. غطيني يا صفية”، ولا يصلح العطار ما أفسد الدهر.
إذا لم تكن القضية في البرامج والأهداف التي يمكن على كل حال وضعها فأين تكون؟! هذا هو سؤال المليون الذي على الخلوة أن تجيب عنه! وقد تكون القضية في “تغيير النهج” لكن هذا الشعار غامض وجذاب وقد لا تجد اثنين يقولان الشيء نفسه عن معناه. فإذا أمكن للرئيس بمعاونة آخرين أن يضع ترجمة محددة لشعار تغيير النهج الى قيم ومعايير للعمل قابلة للتدقيق والمراقبة والمحاسبة في التطبيق، فيكونوا قد استحقوا الجائزة.

جميل النمري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *