جاء تقليد المئة يوم، وهي المهلة التي يتم منحها للحكومات في الاردن، من جذر غربي، وهذا التقليد امتد الى اغلب دول العالم، وباتت الحكومات، تخضع لاعادة التقييم بعد مرور مئة يوم.
في الاردن، كانت حكومة عبدالكريم الكباريتي منتصف التسعينات، أول الحكومات التي خضعت لهذا التقليد، وايا كانت النتائج آنذاك، فقد امتد هذا التقليد، الى بقية الحكومات، هذا على الرغم من ان هذه المهلة مجرد فخ، تتورط فيه الحكومات، من اجل استرضاء الناس، وللتأكيد على نيتها وعزمها اجراء تغييرات جذرية، على كل المستويات، وفي اغلب الحالات، لم تمر الحكومات بنجاح، عبر هذه المهلة، والسبب في ذلك بسيط جدا، ويعود الى ان التقليد له سلبياته الكثيرة.
حكومة الدكتور عمر الرزاز، طلبت مهلة من المواطنين، وكل المؤشرات تتحدث عن مهلة المئة يوم، والتساؤلات حول الذي انجزته الحكومة في هذا الوقت، واذا كان هناك من يعتقد ان هذه المهلة، مجرد استدراج لتقييمات قاسية لاحقا، فإن الحكومة ذاتها، ترى ان مهلة المئة يوم التي طلبتها، كانت من اجل اجراء تغييرات على بعض القضايا، مثل ملف علاج السرطان، وقضية ضريبة الهايبرد، وقانون ضريبة الدخل، وانها استطاعت تنفيذ اغلب ما تعهدت به ضمن سقف المئة يوم.
في كل الاحوال فإن الانطباع السائد، ملتبس بشكل كبير، لان اغلبية المواطنين، يفترضون انجازات كبيرة جدا، وتحولات خلال هذه المهلة، وهذا انطباع غير دقيق، لان المنطق يقول ان لا حكومة في الاردن قادرة خلال مئة يوم، على اجراء تغييرات جذرية، على كل الملفات، خصوصا، ان اي حكومة جديدة ستواجه نفس المشكلات الاقتصادية المزمنة، التي واجهتها الحكومات السابقة، كما ان كل الملفات الفنية المتعلقة بالوزارات بحاجة الى وقت، يتجاوز هذه المهلة، من اجل استخلاص طبيعة الازمات، ووضع الحلول لها، واختبارها، هذا فوق ان العمل الاستراتيجي، يحتاج اساسا الى وقت كاف، من اجل وضع اسسه، وخططه وحلوله.
هذا الكلام لايحمل اعفاءً غير مباشر للحكومة الحالية من مهلة المئة يوم، لكنه اعادة تذكير بكون المهلة مجرد فخ، يتم توريط كل حكومة جديدة بها، وخصوم اي حكومة جديدة، يلحون على هذا التقليد، من اجل حرق الحكومة لاحقا، عند تمام المئة يوم برغم معرفتهم المؤكدة، ان المئة يوم، مجرد وهم بصري بسقف زمني، لا يكفي فعليا، من اجل اجراء تغييرات عميقة، ولعلنا نسأل الوزراء هنا، اذا ما كان كل واحد منهم، قد اعاد دراسة ملفات وزارته، وجهز تصورا لمشاكلها، والحلول المقترحة، وأعد كل هذه الملفات، من اجل عرضها داخل مجلس الوزراء، وبدء وضع الحلول، بسقف زمني، للتنفيذ، وهنا قد يكون مطلوبا وجود سقف زمني، لتنفيذ الخطط والحلول، عبر الالتزام بحل مشاكل وزارة التربية والتعليم او الصحة او التعليم العالي او الزراعة، عبر اجندة زمنية تتم المحاسبة عليها، لاحقا، من جانب الجهات ذات الصلة، وهذا ما ننتظره من الحكومة الحالية.
اذا اردنا تقسيم المئة يوم، على ادارة الوزارات، وجلسات مجلس الوزراء، وطلب الثقة من البرلمان، واجراءات ترميم الثقة بين الناس والحكومة، وهو ما يفعله رئيس الحكومة حصرا، هذه الايام، اضافة الى الاطلاع على الملفات الفنية لكل وزارة، ما بين قدامى الوزراء، واولئك الجدد، فمن الطبيعي جدا، ان لا تكفي المئة يوم، وهي تصلح هنا، في نماذج غربية، لديها مؤسسات تعمل بطريقة مختلفة، عن العالم العربي، وتتجنب الازمات، ولا تواجهها، اساسا، فيما نحن في الاردن والعالم العربي، نستهلك الوقت، في الاطلالة على هذه الملفات، ومعالجة الازمات التي تخرج في وجوهنا، كل اسبوع، وتعيد خلط الاوراق.
على الحكومة هنا، ان لا تقبل ان يتم استدراجها الى حافة المئة يوم، من اجل التقييم، فهذا مجرد فخ، وقعت فيه حكومات سابقة، مع ادراكنا هنا، انها حققت خروقات جيدة، على صعيد بعض الجبهات، لكن المهام الاصعب لم تبدأ بعد، وهي بحاجة الى وقت اطول بطبيعة الحال، دون ان يعني ذلك، منحها سقفا مفتوحا من الرأي العام، بذريعة الصبر عليها، في زمن، لم يعد لدى الاردنيين اي طاقة اضافية للصبر على استرخاء الحكومات.
ماهر ابو طير