كتّاب

كما ضاعت فرص حكومات المصري والكباريتي والفايز (1/3)

تقاليد تقديم واجبات التعزية بالشهداء والراحلين وزيارة المرضى والسلام على العائدين من الحج وعلى السياسيين الخارجين من السجن هي تقاليد ومناقب اردنية فخمة تريح صاحبها وتغمر قلبه بالرضا وتحقق المزيدَ المزيد من اللحمة بين أبناء شعبنا من كل الأصول والمنابت والمذاهب والطوائف والجهات والاعراق.
لا ينحصر أداء هذه الواجبات ولا يقتصر على أبناء قريتنا او عشيرتنا او ديانتنا او حزبنا او مهنتنا، بل يشمل كل الأردنيين دون أي توقف عند الاتجاه السياسي او الدين او العرق او المذهب الذي لا نتقاسمه.
عزّيت في الشيخ المرحوم محمد الزيود امين عام جبهة العمل الإسلامي في بلدة الهاشمية فوجدت هناك علاوة على أبناء عشيرته اخوانه في حزب جبهة العمل الإسلامي وجماعة الاخوان المسلمين كما وجدت رؤساء أحزاب وطنية وسطية ووجدت جنرالات عاملين ومتقاعدين ووجدت مسؤولي دولة من الدرجات العليا ومئات المواطنين من مختلف المشارب والاتجاهات والأحزاب.
ألقيت كلمة في تلك المناسبة الحزينة قلت فيها اننا غالبا ما نجتمع ونلتقي في مناسبات الفقد والموت، نحن أبناء الاتجاهات السياسية المختلفة، التقدمييون والمحافظون، الحداثيون والتقليديون، وكنت اود ان نلتقي في الحياة على برنامج محدد لا يلهينا عن المضي عميقا في تنفيذه طرح نقاط الخلاف وتعظيمها وتصغير نقاط اللقاء وتسفيهها.
نحن نلتقي على أهداف وطنية استراتيجية كبرى مثل: الوحدة الوطنية ومكافحة الفساد ومقاومة الإرهاب وتطوير الحياة السياسية وإنفاذ برنامج جدي للإصلاح ونزاهة الانتخابات ومقاومة مشاريع تصفية القضية الفلسطينية وغيرها الكثير من الأهداف. ونختلف -أيضا- على الكثير من الموضوعات مثل: تطوير المناهج المدرسية وإعادة تدريس الفلسفة والفنون والموسيقى والرسم ومحاولة فرض أسلوبٍ ونمط حياة محددٍ وتكفير المخالفين في الرأي وشيطنة من يفكرون خارج الصندوق والسائد. على قاعدة «نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه».
في الملمات وفي المحطات الحاسمة وفي التحديات الوجودية التي تعصف بالامم، تؤوب الى ما هو مجرب وتلجأ الى ما هو فعال وتعتمد ما هو ناجح من أساليب كفاح ومواجهة، أسهمت في التغلب على التحديات الكبرى. ذلك السلاح هو سلاح الوحدة الوطنية التي تقود الى الجبهة الوطنية.
قلت في تلك الكلمة في الهاشمية، وقلت قبلها يوم الـ 3 من آب في ندوة تلفزيون المملكة مع الأستاذ عريب الرنتاوي في برنامجه الفخم بين الاعمدة، ان دولة الدكتور الرئيس عمر الرزاز رجل محترم نقي نظيف وقد شكّل حكومة هشّة صادمة، باعترافه هو، تحتاج الى تعديل. علاوة على ان الرئيس المحترم بلا حزب يدعمه وبلا كتلة نيابية تقف معه تحت القبة وبلا دعم عشائري وبلا نقابات تدعمه وبلا نخب تقف خلفه او امامه بوضوح.
هذه الحال تفرض وتوجب على دولة الرئيس -ولا أقول على عمر-  كي يستمر وكي ينجح، ان يجري تعديلا وزاريا واسعا بحيث تضم وزارته إسلاميين ويساريين وقوميين ومحافظين ومتقاعدين عسكريين وممثلي عشائر وأرياف حقيقيين يستقوي بهم ويحملونه ولا يحملهم، لانفاذ برنامج وطني من نقطة واحدة هي مكافحة جدية جذرية للفساد، كي تتحقق دعوة الملك الى كسر ظهر الفساد.
وليكن معلوما انه بغير جدية في مكافحة الفساد، تطال الكبير قبل الصغير، فلن تتمكن الحكومة من الاستمرار. وسيقع الرئيس المحترم، وستكون تلك فرصة ثمينة مهمة ضائعة، كما ضاعت ثلاث فرص:
1- حكومة طاهر المصري الديمقراطية.
2- حكومة عبد الكريم الكباريتي المناوئة للفساد بضراوة.
3- حكومة فيصل الفايز للتنمية السياسية والإصلاح.

محمد داودية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *