تقف الحكومة اليوم بين مطرقةٍ وسندانٍ لا مثيل لقوة هرسيهما!
الأول هو تحقيق المؤهلات والشروط المطلوبة، لاجتياز برزخ الكفاءة والاستحقاق ومتطلبات صندوق النقد الدولي للحصول على التصنيف المريح الذي يمكننا من «كود» بطاقة الصراف الآلي، الصالحة للسحب من مختلف الدول المانحة والمقرضة.
الثاني هو النجاة من براثن مجلس نواب جريح نازف، بسبب ما لحقه على «الدوار الرابع» من غضب شعبي، على الرغم من تقديرنا أنه كان سيمزق القانون وسينسفه الى درجة تجعله غير مقبول «صندوقيًا».
يضاف الى ذلك البرهنة على ان ما يطلقه صندوق النقد الدولي من أوصاف وأبرزها مصطلح «الختم المطاطي» الذي في يد الحكومات، هي اتهامات ظالمة مبالغ فيها وان مجلس النواب مستقل وسيد نفسه.
في الميزان الخالي من الغرض والشهوة والانحياز، والذي فيه نسبة خطأ تقليدية، فإنني وعدد من أصدقائي، نرى ان حكومة الدكتور هاني الملقي اقوى وأثقل من حكومة الدكتور عمر الرزاز. واقصد هنا، ان النصف المُستبدل من حكومة الملقي، هو اقوى من النصف المُستبدل من الحكومة الحالية، باستثناءات محدودة ابرزها رئيسا الطاقم الاقتصادي المتباينان جدًا، خبرةً وحنكةً ومِراسًا وعمقًا.
و سنرى ان امام الحكومات السالفة والحالية والقادمة وما بعد القادمة، هامش مناورة ضيق خانق طفيف محدود، وانها مكبلة وموضوعة في الجاكيت الحديدي بسبب ما ورثته من الحكومة ما قبل السابقة التي لم تدع بابًا للاقتراض الا وطرقته ثم سدته خلفها محملة الأجيال الحالية والقادمة مديونية مرهقة تساوي 7 مليارات دينار تقريبا.
ومن عجائب الصدف وغرائبها، ان حكومة الاقتراض الفاحش، ظلت متربعة ومتمددة في الدوار الرابع!! في حين ان حكومة الملقي التي تلتها، والتي لم تقترض فلسا واحدا، أطاح بها الدوار الرابع. في ما نفهم انه ليس بسبب «النهج» والسياسات الاقتصادية التي خنقت البلاد، كما قيل وأعلن، فأخطر نهج مر على البلاد عبر كل تاريخها، هو نهج وسياسة حكومة الاقتراض الفاحش. بل كانت الإطاحة بسبب بند جزئي واحد، هو القاء المزيد من أعباء ضريبة الدخل على المواطن.
لقد أقدمت البلاد، عبر الخمس والعشرين سنة الماضية، على تطبيق عدة برامج إصلاحية، سرعان ما كان يتم اغتيالها والنكوص عنها، وفتح الطريق اوتوسترادا لنمو الطحالب، التي أصبحت حيتانا واسماك قرش، نهبت وسلبت وافقرت البلاد وحولتنا الى دولة تنتظر المنح والمساعدات والقروض، في حين ان بلادنا العظيمة الأردن، ذات اهم موقع جيوسياسي في العالم كله.
لا يمكن ان نعزل العوامل السياسية التخريبية ورموزها مخالب القطط «البكاشة» المنفذة، التي «هيلمت» علينا، عن الخراب والتخريب الاقتصادي الاجرامي الذي مرت مدحلته على رؤوس اصابعنا، أمام عيوننا.
محمد داودية