اخبار الاردن – ارتفعت أعداد الطلبة المنتقلين من المدارس الخاصة إلى الحكومية منذ بداية العام الدراسي الحالي وحتى يوم أمس الى ما يزيد على 50 ألف طالب وطالبة، في وقت لم تتجاوز ارقام الهجرة المعاكسة من “الحكومية” إلى “الخاصة” المئات، بحسب الناطق الإعلامي لوزارة التربية والتعليم وليد الجلاد.
وأكد خبراء اقتصاديون أن انتقال 50 ألف طالب إلى المدارس الحكومية سيضع “أعباء جديدة على الحكومة، ممثلة بوزارة التربية والتعليم، أهمها توفير بيئة فضلى للطلبة في مدارسها”، قائلين إن ذلك “سيؤدى إلى اكتظاظ في الغرف الصفية، وبالتالي التأثير سلبا على جودة ونوعيه التعليم”.
وعزوا أسباب تزايد ظاهرة انتقال هذا العدد الكبير من الطلبة إلى المدارس الحكومية إلى “عدم تحسن دخل الأسر، والتضخم الاقتصادي، ما جعل المواطنين غير قادرين على الاستمرار في دفع أقساط أبنائهم”، مشيرين في الوقت نفسه إلى “أن معظم المنتقلين إلى “الحكومية” هم أبناء الطبقة المتوسطة، الأمر الذي يؤكد تراجع قيمة دخل هذه الطبقة”.
بالمقابل، أرجعت “التربية” أسباب الانتقال إلى المدارس الحكومية إلى “تميز أداء بعض المدارس الحكومية، وارتفاع الأقساط المدرسية في القطاع الخاص وتغير مكان سكن الأسرة”، لافتة إلى أن أعداد الطلبة المنتقلين من المدارس الخاصة إلى “الحكومية” بلغ حتى الآن نحو 50 ألف طالب وطالبة”.
وتبلغ كلفة طالب المرحلة الأساسية في المدارس الحكومية 650 دينارا سنويا، فيما تبلغ تكلفة طالب المرحلة الثانوية الاكاديمية
750 دينارا، و1300 دينار لطالب مرحلة الثانوية المهنية، بحسب مختصين بالشأن التعليمي.
الخبير الاقتصادي محمد البشير قال لـ”الغد” إن “انتقال هذا العدد الكبير من الطلبة من المدارس الخاصة إلى “الحكومية يضيف عبئا جديدا على الحكومة والتي يقع على عاتقها توفير بيئة أفضل بالمدارس، خصوصا وأن ذلك سيؤدى إلى اكتظاظ في الغرف الصفية، وبالتالي التأثير سلبا على جودة ونوعيه التعليم، والتي من أبرزها: العمل بنظام الفترتين (الصباحية والمسائية) ونقص المقاعد الدراسية”.
وأضاف البشير أن ارتفاع الاقساط المدرسية وعدم قدرة الحكومات المتعاقبة على السيطرة عليها في ظل تراجع دخل الأسر وارتفاع نسبة البطالة بشكل عام “أصبح يرهق ميزانية الأسر، وبالتالي أصبحت أقساط المدارس الخاصة عبئا عليها”.
من ناحيته، أكد المصرفي مفلح عقل “أن ظاهرة انتقال الطلبة من المدارس الخاصة إلى “الحكومية” برزت بشكل واضح في العامين الماضي والحالي”، عازيا سببها إلى “عدم تحسن دخل الأسر، والظروف الاقتصادية الصعبة، وارتفاع الأقساط المدرسية وزيادة الضرائب وغلاء المعيشة ومحدودية الرواتب وتآكلها، ما جعل المواطنين غير قادرين على الاستمرار في دفع أقساط أبنائهم”.
وقال إن انتقال 50 ألف طالب وطالبة إلى المدارس الحكومية، “سيضع على الأخيرة أعباء جديدة. فعلى سبيل المثال لو كل 30 طالبا بحاجة إلى معلم، فنحن أمام ضرورة توفير 1700 معلم”، مضيفا أن هؤلاء “بحاجة إلى ميزانية مقدارها 10 ملايين دينار”.
وأوضح “أن معظم الطلبة، الذين انتقلوا إلى المدارس الحكومية، هم من الطبقة المتوسطة، الأمر الذي يؤكد تراجع قيمة دخل هذه الطبقة، وبالتالي الانتقال إلى الطبقة الفقيرة”.
ووفق أرقام دائرة الإحصاءات العامة حول مسح دخل ونفقات الأسرة لعام 2013 /2014، فإن نصف الأسر الأردنية (47.1 %) يبلغ معدل دخلها 352 دينارا شهريا، أي نحو 70 دينارا للفرد الواحد، فيما 35.4 % يبلغ معدل دخلها 825 دينارا شهريا (165 دينارا للفرد شهريا).
وبذلك، يكون معدل دخل 85.4 % من الأسر الأردنية دون 534 دينارا شهريا (107 دنانير شهريا للفرد)، على اعتبار أنّ معدل متوسط حجم الأسرة 5 أفراد.
من جهتها، قالت والدة إحدى الطالبات “إنها اضطرت إلى نقل ابنتها حنين إلى مدرسة حكومية، وذلك بعد أن أمضت 9 أعوام في مدرسة خاصة”، عازية ذلك إلى “الوضع المالي، وتآكل الدخول، والوضع الاقتصادي الصعب، حيث لم يعد باستطاعتها دفع أقساط مدرستها الخاصة”.
وأكدت، في منشور على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أنها “اضطرت لذلك، رغم أن ابنتها غير قادرة على التكيف في مدرستها الجديدة”، مشيرة إلى أنها “تشعر بتأنيب ضمير تجاه ابنتها، فهي ليست سعيدة في مدرستها الجديدة، مقابل ذلك لا يسمح الوضع المالي لنا بأن تستمر في مدرستها السابقة”.
وأوضحت الأم “أنها وغيرها الكثير من الأسر، لم يعد بإمكانهم استمرار دفع أقساط أبنائهم في المدارس الخاصة”.
وردا على منشور والدة حنين، انهالت عشرات التعليقات لأمهات يؤكدن أنهن “اضطررن خلال الأعوام القليلة الماضية لنقل أبنائهن من مدارس خاصة إلى حكومية، والسبب الأساسي هو الوضع المادي الصعب”.
من جانبه، قال الناطق الإعلامي باسم وزارة التربية وليد الجلاد إن بداية العام الدراسي، الذي انطلق في 2 أيلول (سبتمبر) الحالي، “شهد حركة انتقال كثيفة من المدارس الخاصة إلى “الحكومية”، إذ بلغت خلال الأسبوع الأول 35 ألف طالب وطالبة، لترتفع إلى نحو 50 ألفا حاليا”.
وأضاف، في تصريح صحفي لـ”الغد”، أن هذا الرقم “مرشح للزيادة، لاسيما وان باب الانتقال مفتوح حتى منتصف الشهر الحالي”، عازيا السبب إلى “تميز أداء بعض المدارس الحكومية، وارتفاع الأقساط المدرسية في القطاع الخاص، وتغير مكان سكن الأسرة”.
وفيما قال “إن نسبة الانتقال من المدارس الحكومية الى “الخاصة”، العام الحالي، ضئيلة ولا تتجاوز المئات”، أشار الى ان هناك 600 ألف طالب وطالبة موزعين على المدارس الخاصة ورياض الأطفال ووكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين (الأونروا) والثفافة العسكرية.
وأكد الجلاد أن الوزارة لم توافق على أي طلب مقدم من المدارس الخاصة لرفع اقساطها، فهي ملزمة بتطبيق نظام تأسيس وترخيص المؤسسات التعليمية الخاصة والاجنبية.
وبين أن “مشروع النظام المعدل لنظام تأسيس وترخيص المؤسسات التعليمية الخاصة والاجنبية الذي أقره مجلس الوزراء مؤخرا وسينشر في الجريدة الرسمية قريبا، يحظر على المؤسسة التعليمية الخاصة زيادة الرسوم الدراسية أثناء العام الدراسي أو في بدايته وربط أي زيادة في الرسوم بمعدل التضخم للسنة السابقة، اي معدل النمو في الرقم القياسي لأسعار المستهلك الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة وبموجب تعليمات يصدرها وزير التربية والتعليم لهذه الغاية”.
واشار الى أن المدرسة الخاصة سترتبط، بموجب النظام، بعقد رسمي مع الطالب وولي أمره يحدد المستحقات المالية المترتبة على الطالب للمدرسة، ومنع الأخيرة من تقاضي اي زيادة على هذه المستحقات خارج العقد الموقع مهما كان اسمها أو نوعها أو مقدارها ولم ترد في العقد الموقع، مؤكدا أن أي مبالغ يتم تقاضيها خارج العقد سيتم استردادها لصالح ولي أمر الطالب.
وحسب أرقام “التربية”، فقد بلغ عدد الطلبة المنتقلين الى المدارس الحكومية خلال العام 2016/ 2017 على مستوى المملكة 10171، في حين بلغ عدد الطلبة المنتقلين من الحكومة الى الخاصة 1120 طالبا وطالبة.
فيما بلغ عددهم خلال العام الدراسي 2015/ 2016 على مستوى المملكة 67513 طالبا وطالبة من بينهم 45233 داخل العاصمة.