أخفق لقاء رئيس الوزراء هاني الملقي، مع رؤساء النقابات المهنية، في استيعاب دعوة مجلس النقباء لإضراب يوم غد الأربعاء.
النقباء دخلوا الاجتماع بموقف مسبق؛ تلا رئيسهم الدوري نقيب الأطباء على مسامع الملقي والحضور بيانا يطالب الحكومة بسحب قانون ضريبة الدخل لفتح نقاش حوله من جديد، فلم يجد رئيس الوزراء ما يقوله غير تذكير النقابات بأن باب الحوار مفتوح على القانون في أروقة النواب.
في ضوء الموقف الذي أعلنته النقابات المهنية قبل تلبية دعوة الحكومة للقاء، لم يكن أحد يتوقع خروج الاجتماع بأي نتائج تذكر. النقابات تبنت دعوة الإضراب، والحكومة لم يعد بيدها مناقشة القانون بعد أن أحالته إلى مجلس الأمة.
كان يمكن لهذا اللقاء أن يكون مثمرا لو أنه جرى قبل إحالة مشروع القانون للبرلمان، مع ملاحظة أساسية لا بد من ذكرها، وهي أن منتسبي النقابات المهنية من الفئات المتقدمة والعليا سيترتب عليهم، وفق القانون المعدل، دفع ضرائب أكثر. وعادة ما يشار إلى المهنيين من كبار الأطباء والمهندسين والمحامين عندما يدور الحديث عن التهرب الضريبي.
ولهذه الاعتبارات، فإن الحوار معهم سيكون صعبا ومعقدا في كل الأحوال، ولن يصل للنتائج المرجوة بسهولة.
الفئات العليا من الطبقة الوسطى، عموما، تشعر بالغضب من تعديلات القانون، وما نشهده من جدل في أوساطها دليل على هذا الشعور. وشاءت صدف القانون أن تلتقي مصالحهم مع طبقة التجار والصناعيين، ليتشكل ما يشبه التحالف ضد القانون.
لكن ما دام القانون قد أحيل إلى البرلمان، كان من الأفضل أن تأتي الدعوة للحوار حوله من طرف مجلس النواب وليس الحكومة.
القانون بيد النواب حاليا، وهم أصحاب الحق الدستوري في النظر بمواده وتعديلها، وهم الجهة الوحيدة القادرة على إدارة حوار منتج مع القوى الاجتماعية والاقتصادية، والوصول لتوافقات حول مواده.
رئيس مجلس النواب، المهندس عاطف الطراونة، وعقب لقائه بجلالة الملك، أول من أمس، أعلن أن المجلس سيدير حوارا حول القانون مع الشركاء كافة، وأكد الحاجة لإجراء تعديلات على مشروع القانون المقدم من الحكومة.
المعنى، أن الوقت لم يفت بعد على الحوار، ويستطيع الطراونة أن يدعو النقابات المهنية في الحال لحوار حول القانون، على أن تلتزم من طرفها بتأجيل الإضراب إلى حين الانتهاء من جولات الحوار تحت مظلة مجلس النواب، وإذا لم ترق لها نتائج الحوار فلها مطلق الحرية بممارسة حقها في التعبير وفق الأصول القانونية.
ليس في نية الحكومة، كما يبدو، سحب القانون، وقريبا سيدرج على جدول أعمال الدورة الاستثنائية المزمعة بعد شهرين، وهي فترة كافية لإجراء حوارات معمقة وإدخال تعديلات جوهرية قبل اللجوء إلى إجراءات تصعيدية كالإضراب.
إذا كانت الحكومة قد تجاهلت فعلا أصوات المعارضين والمحذرين من عواقب التعديلات، فواجب مجلس النواب الاستماع إليهم والأخذ بمقترحاتهم كلما كان ذلك ممكنا.
الفرصة للحوار ما تزال سانحة.
فهد الخيطان