كتّاب

ماراثون “الضريبة” ينطلق في البرلمان

في جلسة المناقشة الأولى لمشروع قانون ضريبة الدخل،عرضت الحكومة حججها وبيناتها أمام رئيس وأعضاء لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية. نائب رئيس الوزراء الدكتور رجائي المعشر وبإسناد من وزير المالية الدكتور عز الدين كناكرية، قدم شرحا مستفيضا لوجهة نظر الحكومة، وتناول بالتفصيل مواد القانون الرئيسية.
مداخلات أعضاء اللجنة ورئيسها أظهرت للمتابعين وجود نية حقيقة لإدارة نقاش جدي حول القانون، دون تسليم بفرضيات الحكومة ومشروعها. وفي الجلستين اللتين عقدتهما اللجنة امس اتسمت المداخلات بالعمق والوضوح.
ومثلما هو الحال في النقاشات التي دارت بين الحكومة وممثلي القوى الاجتماعية والاقتصادية، تمحور الجدل حول ثلاث مواد تقريبا؛ سقف الاعفاءات الضريبية ونسبة الاقتطاع على الشرائح الخمس، والضريبة على البنوك. وبشأن البند الأخير بدا أن هناك اتجاها نيابيا يخالف الحكومة في رأيها ويدعم رفع نسبة الضريبة على البنوك إلى أربعين بالمئة.
في الأيام المقبلة ستواصل اللجنة جلسات الاستماع لممثلي القطاعات المختلفة والخبراء وأصحاب الاختصاص. ومع نهاية المداولات سيتكون تصور تفصيلي حول التعديلات التي تحظى بقدر أكبر من الاجماع في أوساط الفئات الاجتماعية.
لكن هذا ليس نهاية المطاف، ولا يمكن للجنة أن تترجم كل ما وردها من اقتراحات إلى توصيات وتعديلات على مواد القانون. فمسؤولياتها تقتضي العمل من أجل التوصل إلى توافق واقعي ومقبول بالحد الممكن حول التعديلات الممكنة على القانون. والمرجح أنها ستخوض في جدل طويل مع فريق الحكومة الاقتصادي قبل اعتماد توصياتها النهائية ورفعها لمجلس النواب.
لن يمر القانون بصيغته الحالية، هذا الأمر بات محسوما من قبل النواب. وبصرف النظر عن مرونة الموقف الحكومي من عدمه، فإن  اللجنة النيابية ومجلس النواب سيتمسكان بحقهما في إجراء ما يجدانه ضروريا من تعديلات، ثم يترك للتصويت تحت القبة كلمة الحسم النهائية.
الحكومة وكما قال الوزير المعشر محكومة بمحددات داخلية وخارجية مترابطة، لا تستطيع معها تجاهل متطلبات الإصلاح المالي وبرامج الشراكة مع صندوق النقد الدولي. أما النواب فهم على قناعة بإمكانية تجويد الصيغة المقترحة، وعدم الاستسلام لتقديرات الصندوق بشكل كامل.
وفي كل الأحوال من المناسب لكل الأطراف أن تكون الصيغة النهائية للقانون، محصلة توافق وطني وشعور مشترك بالمسؤولية، وليس نتيجة إملاءات خارجية.
الحوار المستمر حول مشروع القانون يساعد في بناء هذا التصور، ومن مصلحة الجميع إدارة نقاش من زاوية الأولويات الوطنية وليس من منطلق التفاهمات مع الصندوق، لأن النتيجة واحدة في نهاية المطاف. الفرق سيقتصر على التفاصيل والمسائل التقنية والفنية في القانون لا في الجوهر.
ما يدور في لجنة الاقتصاد والاستثمار يعزز هذا الشعور، ويساهم في تحقيق التفاهمات الوطنية، بعيدا عن اتهامات التبعية، التي تكفي وحدها لاتخاذ موقف مناهض من القانون.
إرضاء صندوق النقد الدولي على أهمية العلاقة معه، يأتي في مرتبة تالية بعد تأمين الرضى العام ولو بالحد الأدنى.

فهد الخيطان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *