تسعى العديد من الجامعات في العالم إلى تجويد عملياتها ومخرجاتها وتحسين مكانتها وسمعتها المحلية والدولية وتشكل التصنيفات العالمية مؤشرا على قدرة الجامعة على المنافسة عالميا من خلال الموقع الذي تتبوؤه وفقا للمنهجية والمعايير التي تتبناها هده التصنيفات، ونظرا لأهمية هذه التصنيفات عالميا ولوقعها وتأثيرها على اختيارات الطلبة وأولياء امورهم وعلى نظرة المجتمعات العلمية والبحثية، فقد أولت الحكومات في العديد من الدول موضوع التصنيفات العالمية اهتماما خاصا في سعيها لبناء الاقتصاد القائم على المعرفة ولتحسين تنافسية مؤسساتها التعليمية دوليا ولتعزيز قدرة مؤسساتها التعليمية على استقطاب الطلبة المتميزين، فعلى سبيل المثال تبنت روسيا مشروع 5-100 لوضع ما لا يقل عن 5 جامعات روسية ضمن قائمة أفضل 100 جامعة في العالم وتبنت المملكة العربية السعودية في رؤية 2030 أن تدخل 5 جامعات سعودية قائمة أفضل 200 جامعة في العالم.
لطالما شكل دخول جامعة أردنية قائمة أفضل 500 جامعة في العالم حلما للأكاديميين ومطلبا للأهالي والسياسيين في ضوء شح الدعم الحكومي – لا بل انعدامه في حال جامعة العلوم والتكنولوجيا- وغياب الاستراتيجيات والخطط للدخول ضمن قائمة الكبار على مستوى الوطن وعلى مستوى الجامعات.
لقد عملت الإدارات المتعاقبة في جامعة العلوم والتكنولوجيا على الدخول في التصنيفات العالمية وخصوصا تصنيف التايمز للجامعات العالمية والذي تنشره مجلة التايمز البريطانية وتصنيف كيو إس الذي تنشره مؤسسة كواكوارلي سيموندز البريطانية اللذان كانا يصدران بشكل مشترك منذ عام 2004 وحتى انفصالهما عام 2009 حيث تحسن تصنيف الجامعة في التايمز – وهو من أبرز التصنيفات العالمية وأكثرها موضوعية وشمولا- من 601-800 عام 2016 إلى 401-500 عام 2017 وتتوج هذا العام بدخول الجامعة ضمن فئة 351-400 ولتكون الثالثة عربيا.
يعتبر هذا الإنجاز تاريخيا بكل معنى الكلمة ليس فقط لجامعة العلوم والتكنولوجيا وإنما لقطاع التعليم العالي وهو ثمار لجهود كبيرة وخطط وبرامج تحول تمت في الجامعة بعد دراسة عميقة لمعايير ومؤشرات الأداء ومنهجية التقييم وتحديد نقاط القوة والضعف والفرص والتحديات، وقد آثرت كرئيس سابق للجامعة أن أبرز وبشكل مختصر أبرز ما تم إنجازه في الجامعة خلال فترة رئاستي القصيرة والذي أثر بشكل كبير على نتائج التصنيف حتى تتمكن جامعاتنا الأردنية الأخرى من اللحاق بالركب لعلنا نرى في السنوات القادمة مزيدا من الجامعات الأردنية ضمن نادي الخمسمائة الكبار.
أولاً: تجويد البحث العلمي نوعا وكما من حيث عدد الأبحاث المنشورة والمصنفة في قواعد البيانات العالمية ورفع عدد الاستشهادات العلمية التي توسع من التأثير البحثي للجامعة وذلك من خلال ما يلي:
تعديل تعليمات الترقية بحيث يتم التركيز على كمية ونوعية الأبحاث واقتصار الترقية على الأبحاث المصنفة في قاعدة سكوبس والتي تحتسب في التصنيفات العالمية.
مضاعفة عدد المؤتمرات العالمية التي يحق لعضو هيئة التدريس المشاركة بها ورفع الدعم السنوي إلى 3500 دينار وبحيث تم التركيز على المؤتمرات المصنفة عالميا.
رفع مخصصات البحث العلمي والدراسات العليا في الجامعة والتركيز على مخرجات الأبحاث وعلى الأبحاث التي تتضمن شراكات عالمية أو ربطا مع الصناعة.
دعم مشاركة الطلبة في المؤتمرات العالمية لعرض نتائج ابحاثهم. استحداث برنامج الصيفي البحثي لأعضاء هيئة التدريس.
مراجعة تعليمات تحفيز النشر في الجامعة من خلال رفع حوافز النشر والتركيز على النوعية.
تجويد الدراسات العليا من خلال اشتراط استلال بحث من رسالة الماجستير وارساله للنشر كمتطلب للتخرج.
تشجيع أعضاء الهيئة التدريسية على العمل بشكل منتج مع طلاب الدراسات العليا دون وجود سقف لأعداد الابحاث المستلة التي يمكن استخدامها في طلب الترقية.
تفعيل برامج الدكتوراه وضع تعليمات لدعم طلبة الدكتوراه بالكامل شريطة النشر في مجلات عالمية. الانضمام إلى شبكات البحث العلمي العالمية وبناء شراكات استراتيجية مع جامعات عالمية.
ثانياً: رعاية الابتكار والإبداع لما لها من دور رئيس في رفد الاقتصاد بمنتجات صناعية وخدمية وشركات ناشئة تساهم في التقدم التكنولوجي وتحسين الدخل، لذلك جاء التوجه الاستراتيجي في التركيز على تخريج قادة قادرين على خلق فرص العمل بدلاً من البحث عنها وذلك من خلال المحاور التالية:
محور تعليمي تم من خلاله تغيير متطلبات الجامعة بحث أصبح مساق الريادة والإبداع متطلبا اجباريا على كافة الطلبة المقبولين اعتبارا من العام الجامعي 2016/2017.
محور تثقيفي لنشر وتجذير ثقافة الريادة والإبداع من خلال الندوات والمحاضرات والدورات والورش التثقيفية.
محور مؤسسي من خلال دعم مركز التميّز للمشاريع الإبداعيّة لتوفير البيئة التقنية المناسبة لدعم ورعاية المبدعين والرياديّين ورعايتهم وتنمية مهاراتهم وتطوير إبداعاتهم ابتداءً من الفكرة ومروراً بالنماذج الأولية وانتهاءً بتأسيس الأعمال الصغيرة واحتضانها وإطلاقها تجاريا، كما يقوم المركز برعاية ودعم المبادرات الريادية والإبداعية التي تعود بالنفع على الجامعة أو المجتمع.
محور تشريعي من خلال سياسة الملكية الفكرية وتعليمات حماية حقوق الملكية الفكرية ومراجعة تعليمات المركز.
ثالثا: وضع خطة متكاملة للربط مع الصناعة ولردم الهوة بين مستوى الخريجين وحاجة القطاع الخاص لضمان تأهيل خريجي الجامعة لسوق العمل من خلال تعديل الخطط الدراسية والتركيز على المشاريع والتدريب العملي وتبني التعليم القائم على المشاريع بشكل تدريجي وتبني برنامج للربط مع كافة القطاعات الصناعية وعمل اتفاقيات شراكات فاعلة مع المصانع والشركات، واشراك القطاع الصناعي في المجالس التنفيذية للكليات وعمل مجالس استشارية لهذه الغاية، وتشجيع اعضاء هيئة التدريس على قضاء اجازات تفرغ علمي في القطاع الصناعي وخلق الحوافز لذلك، وتشجيع دعم ابحاث علمية يكون فيها.
الأستاذ الدكتور عمر الجراح – رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية السابق