اعتبارا من نهاية هذا الأسبوع والأيام المقبلة سندخل في خضم نقاشات واسعة حول أوضاعنا الداخلية. والمناسبة حزمة من التطورات والاستحقاقات المرتقبة، تبدأ بتعديل وزاري مقرر على حكومة الدكتور عمر الرزاز قبل نهاية الأسبوع الحالي، يتلوه على الفور افتتاح أعمال الدورة العادية الثالثة لمجلس الأمة بخطاب العرش والذي يشكل دليل عمل للسلطة التنفيذية في المرحلة المقبلة. وفي ذات اليوم ستحسم المعركة الانتخابية رئاسة مجلس النواب، قبل الانتقال للمنافسة على المناصب النيابية الأخرى في المجلس.
ولمن يترقب تعيينات “نصفية” بمجلس الأعيان، عليه أن يطوي توقعاته، فلا نية على ما يبدو لخطوة من هذا النوع.
بعد الخطاب الملكي بفترة وجيزة ستطلق الحكومة خطة عملها للسنتين المقبلتين، متضمنة برامج تنفيذية مفصلة لجميع القطاعات.
التعديل الوزاري وكما اعتدنا أردنيا سيكون مادة غزيرة لجدل داخلي، تحكمه في العادة اعتبارات شخصية وسياسية، ولن يفوتنا سماع العبارة الخالدة في ردود الفعل؛ “كان تعديلا مخيبا للآمال”!
المعيار لقياس قدرة الحكومة وإنجازاتها هو برنامجها بالدرجة الأولى، وهو في حالة الحكومات الأردنية برنامج رئيسها شخصيا ومن بعده الفريق الوزاري.
الرزاز وبعد أن طوى صفحة المئة يوم بنجاحاتها وإخفاقاتها، سيتقدم للشعب ببرنامج عمل يستحق نقاشا هادئا ومعمقا بعيدا عن الصخب العام. نقاش موجه حول أولويات الأردنيين في المرحلة المقبلة والتي تتمحور كلها حول تحسين مستوى معيشة المواطنين واحتواء البطالة المتفاقمة، وإطلاق دورة الانتاج في المجتمع، ومحاربة الفساد وسيادة القانون، وتطوير التشريعات لتحسين مستوى المشاركة في صناعة القرار، والأهم مخرجات العمليات الانتخابية بكل مستوياتها.
الدورة البرلمانية حافلة أيضا بالمواضيع المهمة، فعلى جدول أعمالها مشاريع قوانين ضريبة الدخل المعدل وتعديلات قانون الجرائم الإلكترونية والأحوال الشخصية وحق الحصول على المعلومات،إلى جانب قانون الموازنة العامة للعام الجديد. ومن المرجح بقوة أن تشهد الدورة مناقشة تعديلات قوانين الانتخاب واللامركزية والأحزاب.
نحن إذا أمام ورشة وطنية مفتوحة، سيكون لمخرجاتها أثر بالغ الأهمية على حالة البلاد في السنتين المقبلتين وما بعد ذلك.
رغم أننا نعيش في إقليم مضطرب طالما يفاجئنا بالأحداث الطارئة وغير المتوقعة، إلا أن ما يتوفر من معطيات وتقديرات للأشهر المقبلة يبعث على قدر معقول من التفاؤل. المساعدات الخليجية مقدر لها أن تحرك النشاط الاقتصادي في البلاد، وتحيي الثقة بقدرة الاقتصاد على استعادة تنافسيته، بالإضافة إلى الزيادة المتوقعة في التبادل التجاري مع العراق الشقيق، وفتح المعبر لحركة التجارة مع سورية الشقيقة قبل نهاية العام الحالي. وفي نية الحكومة اتخاذ حزمة من التدابير والتسهيلات لتحفيز النمو والنشاط الاقتصادي في البلاد، وتنفيذ مشاريع تخلق عددا غير قليل من فرص العمل في عديد القطاعات، ونأخذ في الاعتبار هنا المبادرة القطرية الكريمة بتسريع برنامج تشغيل عشرة آلاف أردني في قطر، بعد اتمام إجراءات الدفعة الأولى من المقبولين.
ليس أمامنا من خيار سوى التعامل مع التحديات بالقطعة، وإدارة مشاكلنا بالعقل والحكمة، لنعبر اختبارات مهمة من صفقة القرن الموعودة قبل نهاية العام، إلى كيفية التعامل مع قضية الباقورة والغمر التي تنتهي عقود تأجيرهما قريبا. المؤشرات كلها تفيد بأننا نقف في المكان الصحيح وبما ينسجم مع تطلعات الأردنيين كافة.
فهد الخيطان