أسرار و مجالس

رواية الدولة الأردنية تُضرَب من قلب عمّان.. فشل وارتباك ورهان خاسر

أخبار الأردن – سليمان الحراسيس

*مؤشرات متتالية على عدم صلاحية رواية الدولة وإن كان الواقع يجسدها

*رواية الدولة وجهودها ضربت عبر فيديو لم يتجاوز 180 ثانية نشر من مكاتب تقع في قلب العاصمة عمان

* مشبعون من عطايا السلطة أضحوا غير معنين بتبني رواية الأجهزة والدولة ويتركون مساحات فارغة لصالح الإعلام المضاد

*من يدير المشهد الإعلامي لا يعي التطورات التكنولوجية السريعة في المجال وغير جاد بتطوير لغة مخاطبة الأجيال الشبابية

*إدارة الأزمات إعلاميا تتطلب خلق فرصة للقطاع الشبابي الصحفي المشتبك مع الأحداث الداخلية والخارجية وتأطيره ضمن خلية أزمة

*الهوية البصرية أهم عناصر قيادة الرأي العام تؤسس لصالح “البنزنس” الإعلامي

*أجهزة وبرامج رصد ومتابعة تم شراؤها في السنوات الماضية ولا توجد كفاءات لتفعيلها

بالرغم من الدعم الأردني الاستثنائي للأشقاء في غزة، كان آخرها إرسال مستشفى ميداني ثاني إلى القطاع، وجهت وسيلة إعلام محلية ضربة للجهود التي تبذل إعلاميا في تسليط الضوء على الدور الأردني هناك.

المحزن في الحدث أن الرواية الأردنية ضُربت من قلب العاصمة عمّان، بفيديو بثته وسيلة إعلام أردنية، إذ كانت 180 ثانية كفيلة بالتشكيك بكل الجهود الأردنية المبذولة على مدار 77 يوما من الحرب على قطاع غزة، وكان من الصعب أيضا أن نشاهد كمراقبين وصحفيين موجات مصدرها الداخل والخارج تحاول التقليل والتشكيك في جهود الملك وولي العهد والملكة ومؤسسة الجيش.

فيديو “وسيلة الإعلام”، احتوى على ادعاءات حول عمل المستشفى كصيدلية وعدم استقبالهم للجرحى، ضرب وأوقع ارتدادا قويا تشققت على أثره رواية الدولة، بعد ست محاولات ناجحة للقوات المسلحة الأردنية بإسقاط مساعدات طبية عاجلة للمستشفى، بالتزامن مع جولات وصولات الملك الناجحة في إحداث تغيير سياسي في مواقف دول الغرب.

إن القضية اليوم ليست قضية “وسيلة الإعلام” ومراسلتها في غزة، أو استيقاظ نقابة الصحفيين من سباتها ومحاسبة “وسيلة الإعلام” على ادعاءاتها، التي تراجعت عنها لاحقا ببث تقرير مصور يثبت عكس ذلك، بل الخلل الواضح للعيان بافتقاد القائمين على ملف الإعلام في مراكزهم المختلفة لآليات وأدوات ومرونة في التعامل مع الأزمات وكيفية إدارتها إعلاميا، بالتزامن مع فشل غير مسبوق في عمل خلايا الأزمات في بعض المراكز، ومأسسة الهوية البصرية لصالح “البزنس الإعلامي”.

وفي خضم الارتباك الحاصل في إعلام الدولة، يقدم مدير الدائرة الإعلامية في الديوان الملكي فهد الخيطان استقالته بمحض إرادته، دون طلب من مرجعيات عليا كما يشاع، وكذلك تغادر المديرة التنفيذية لقناة المملكة دانا الصياغ موقعها أيضا، فيما يستمر “مدراء إدارة المشهد الإعلامي والتدخل السريع” المتخمين من عطايا السلطة بتصدر المشهد، بالرغم من اتهامهم في المحاكم بقضايا ابتزاز، تشهد أروقة المحاكم عليها، فلا وقت لديهم سوى حصد المزيد من الامتيازات، كل ذلك يحدث خلال الحرب على غزة، بينما نسمع أصواتا هنا وهناك لا صدى لها في مطبخ صناعة إعلام الدولة عن أسباب انعدام الثقة بالرواية الرسمية.

وقبل أيام قليلة، يهرول رئيس الوزراء، بشر الخصاونة، نحو قناة العربية لتصحيح مفاهيم وتصريحات خرجت على ألسنة مسؤولين وساسة، رفعت السقف وتأولت على الملك ما لم يقله، كادت أن تؤدي إلى أزمات سياسية مع دول أخرى، بحسب المصادر.

هذه المؤشرات جميعها، تؤكد فشل الأذرع الإعلامية في التعامل مع الأزمات الخارجية والرد على الشائعات التي طالت الأردن وقيادته وجيشه، بل تسمّر الإعلام الرسمي في مكانه ولم يبادر إلى الرد على أي من التقارير والأخبار التي مست الأردن.

إن المراهنة على أدوات الدولة الإعلامية التقليدية، لن يغير من الأمر شيئا، إذ بات من الضرورة خلق خلية إدارة للأزمات الإعلامية يتاح من خلالها الفرصة لقطاع الصحفيين الشباب، الحاملين للخبرات والمشتبكين مع الأحداث المحلية والخارجية، لإيصال الرسائل الإعلامية الأردنية المختلفة والدفاع عن وجهة نظر الدولة الأردنية، والتعامل مع مراهقات الاعلام الداخلي، وإدارة الإعلام المضاد، وصناعة رأي عام باحترافية لا بطرق مبتذلة، فيما تترك أجهزة وأدوات للرصد والمتابعة تم شراؤها منذ سنوات والسبب “لا يوجد في الدولة كفاءات لتفعيلها”.