كتّاب

شيء لا يصدق، هل من تفسير؟

التقينا، عصام العوران و إبراهيم الطهراوي وموسى الحوامدة وأنا، في منزل الشاعر موسى الحوامدة على الساعة 7:20 مساء أمس الأول في حي الجاردنز.
فجأة قمت بفتح سيرة الصديق الحميم الكاتب جمال ناجي من دون كل أصدقائنا. ومن دون كل الكتاب الاردنيين والعرب والعالميين، لا بل ومن دون خلق الله كلهم !!!
في تلك الساعة القاتمة كان جمال ناجي يسلم الروح في مستشفى الأمير حمزة منهارا تحت وطأة جلطة لا تقاوم !!!!
قلت لأصحابي إن العزيز جمال اتصل بي يوم الأحد 15 نيسان الماضي وكنت في اجتماع فأعدت الاتصال به فلم يجب. ومعروف لأصدقائه أنه ليس بين جمال والهاتف ود أو ألفة. بينهما مسافة هو محق جدا فيها، فهو إما أن يركن الهاتف ويهمله يوما أو يومين أو أكثر !! أو يضعه على الصامت ليتفرغ لما نذر نفسه له، القراءة والكتابة.
تشعب الحديث إلى «مجلة أفكار» الرسمية التي تولى رئاسة تحريرها فجعلها منبرا للثقافة المدنية الحداثية التقدمية. وكنا موسى وأنا من أوائل من اتصل بهم للكتابة في «أفكار»»وقد استجبت وفعلت.
عملنا معا في تأسيس البنية الفكرية والأخلاقية والوطنية والقيمية لوزارة التنمية السياسية. وكان مستشارا يستشار. وقدم لي جمال جملة من الآراء والأفكار والمقترحات السخية التي مكنتني من الحفاظ على وتائر جادة وعلى منهجية عمل علمية وعلى إيقاع متزن مستقل للوزارة التي شهدت حربا ضارية من يومها الأول.
لقد ظل جمال نعم السند النزيه الموثوق في كل ما احتجته من قضايا وخاصة في طلبي رأيه والتمني عليه مراجعة «السيرة الروائية» التي أكتبها كل يوم أربعاء هنا في «الدستور».
في تقييمي وتقييم من أعرف من قراء الرواية، فإن جمال ناجي هو كاتب الرواية الأبرز في الأردن. شرع في كتابتها في الثمانينيات وظل مخلصا لها بلا كلل أو انقطاع أو تكرار.
وعودا إلى المفارقة الغريبة العجيبة التي لا أجد لها تفسيرا وهي ان أخص جمال ناجي بالذكر وان نمعن في الحديث عنه بلا مقدمات وهو يلفظ الأنفاس الأخيرة على بعد 6 كيلومترات تفصلنا عنه في مستشفى حمزة مستشفى الشعب الذي كنت كثيرا ما أختاره للفحوصات والتداوي؛ ليقيني ومعرفتي أنه على كفاءة عالية جدا يسّرها له ومكّنه منها الصديق د. علي الحياصات مديره ووزير الصحة الأسبق.
سيظل مدعاة دهشتنا، نحن الأربعة وكل من سمع القصة منا، ما حدث من الاستحضار الودود لشخص صديقنا جمال ناجي في منزل موسى الحوامدة مساء ليلة أمس الأول.
لم يرد جمال الى أرذل العمر. ولم «يقع» طريح العجز والكهولة والزهايمر وغيرها. ساعتان فصلتنا ما بين نقله إلى المستشفى ومغادرته، ولما ذهبت إلى  وداعه في ثلاجة مستشفى حمزة، قبلت جبهة جمال فوجدته دافئا، متأملا، مندهشا، صامتا وحزينا كعادته.
واظنني لمحته مرتاحا أو هكذا أعتقد أنني سأكون.
ولا شك لا شك، ان الرواية العربية خسرت ركنا، مثابرا، مجدا، مطورا ومخلصا بلا حدود.
وداعا يا صديقي

محمد داودية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *