ماذا سيكون موقف إيران من شروط واشنطن لو أن الشاه محمد رضا بهلوي ما يزال يحكم البلاد؟
أستطيع أن أخمن بأنه سيرفض نصفها على الأقل لما تنطوي عليه من انتهاك فاضح لشروط السيادة.
وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أعلن أول من أمس، استراتيجية جديدة للتعامل مع إيران، تضمنت الطلب من طهران تلبية 12 شرطا لرفع العقوبات عنها وقبولها من جديد عضوا في المجتمع الدولي.
الشروط طاولت برنامجها النووي والصاروخي “البالستي”، ودورها السياسي والعسكري في المنطقة، وتفرض على طهران امتثالا مطلقا لعمليات تفتيش تشمل منشآتها كافة. وفي حال رفضت “وهي رفضتها فورا”، ستخضع لأقسى عقوبات في التاريخ، على ما صرح بومبيو.
يشعر الأوروبيون بالقهر من سلوك واشنطن حيال إيران، فقد راهنوا على استثمار مليارات الدولارات في الاقتصاد الإيراني، واندفعت كبريات الشركات الأوروبية مبكرا لعقد صفقات مع الجانب الإيراني، وتخشى اليوم من انهيار هذه الشراكة تحت وقع العقوبات الأميركية.
ولهذا حاولت دول مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا، استخدام نفوذها الدبلوماسي لإنقاذ الاتفاق النووي، وتطوير أنظمة بديلة للتعامل الاقتصادي مع إيران خارج نطاق السيطرة الأميركية. لكنها غير مطمئنة أبدا للنتائج، وتحاول جاهدة التوافق مع طهران على تصور بديل لتطوير الاتفاق النووي على أمل أن ترضى واشنطن.
إيران ترفض الاقتراحات الأوروبية، وتشكك بقدرة الدول الغربية على الالتزام بالاتفاق، وهي محقة في مخاوفها، فالحكومات الغربية لا تسعى لمواجهة مع واشنطن، خاصة في ظل التوتر بعلاقاتها مع إدارة ترامب التي تستهدف سياساتها الانعزالية المصالح الأوروبية، وتملك من القدرات ما يمكنها من إلحاق الضرر بالشركات الأوروبية إذا ما واصلت تعاونها مع طهران.
الهواجس الأوروبية والدولية من نوايا واشنطن تتجاوز مسألة العقوبات، فتصريحات بومبيو حملت في طياتها نغمة التهديد بخيارات عسكرية مستقبلا. بومبيو نفسه يشعر في أعماقه بأن الشروط تعجيزية بالفعل، ولم يستبعد أن تنظر إليها طهران على هذا النحو.
إذا دققنا بالشروط “التعجيزية” بالنظر إلى جوهر النظام الإيراني وتوجهاته وأيديولوجيته التي قام عليها، فإن ما عرضته واشنطن أقرب ما يكون لشروط تغيير النظام وليس تعديل سلوكه كما تطلب إدارة ترامب.
يستحيل على النظام الإيراني، بحكم بنيتيه السياسية والفكرية، أن يمتثل لمثل هذه الشروط، حتى لو تعرض لأقسى العقوبات كما بات معروفا.
طهران ستقاوم هذه العقوبات، وتعمل لكسرها بتحالفات دولية وإقليمية بديلة مع روسيا وتركيا وغيرها من الدول، ولن تتخلى عن سعيها لكسب دول أوروبية كبرى لجانبها. والمرجح أن حكومة طهران ستبدي تشددا أكبر في الملفات الإقليمية لتحسين شروط قوتها، خاصة في اليمن وسورية ولبنان.
هذا يعني ببساطة، أن فرص التوصل لتسوية سياسية لهذه الأزمات ستتلاشى في المستقبل المنظور.
هل يعني وصول الأزمة بين واشنطن وطهران إلى طريق مسدود، حتمية المواجهة العسكرية؟ مثل هذه الانطباعات باتت الأكثر رواجا في منطقتنا.
فهد الخيطان