كان عيد الفطر السعيد هذا العام سياسياً بامتياز، فكل المعايدات على صعيد الدواوين والملتقيات والتجمعات العائلية واللقاءات الاجتماعية كانت تدور أحاديثها حول حكومة الرزاز وأشخاصها ورموزها، وكان هناك مزيج من المعلومات والشائعات والتحليلات التي كانت على نحو يبعث على القلق المشوب بالخوف من المستقبل القريب.
شخصية رئيس الحكومة التي تتسم بالعلمية والهدوء والاستيعاب وملكة الحديث غير المتشنج لم يعف التشكيل الحكومي من النقد اللاذع والاتهام والتشهير أحياناً ببعض من وقع عليهم الاختيار، وصدرت بعض الاحكام التي حسمت خسارة الرئيس للشوط الأول من خلال التشكيل الوزاري وبقي عليه تعديل النتيجة في الشوط الثاني ان استطاع تحويل الوعود إلى إنجازات عملية على الأرض.
هناك بعض الأسئلة الكبيرة التي دارت على ألسنة الناس في العيد بهذا الخصوص، ويمكن الاشارة إلى بعضها التي تعد مطروحة على الرئيس برسم الاجابة!
السؤال الأول: هل يمكن للفريق الوزاري الذي عجز عن تحقيق المطلوب في السابق أن يحقق النجاح في المستقبل، وهل من المنطق السليم أن الذي أسهم في رسم المنهج السابق ووضع السياسات السابقة التي أدت إلى وقوع البلد في هذا المأزق أن يشرف على صياغة نهج جديد ونتائج جديدة فعلاً، وهل يمكن أن نحقق نتائج مختلفة بالأشخاص أنفسهم والأدوات نفسها؟.
السؤال الثاني: يدور حول مصطلح العقد الاجتماعي الجديد الذي ظهر مرافقاً لمجيء الحكومة الجديدة بصراحة ووضوح، فما المقصود بالعقد الاجتماعي، ومن هم أطرافه وما هي مضامينه وهل يقصد به الدستور، أم شيء آخر غير الدستور، وهل يتضمن العقد الاجتماعي الجديد طريقة تشكيل الحكومات واختيار الوزراء ومنهجية جديدة في إدارة الدولة من خلال مشاركة شعبية حقيقية وهل الحكومة الجديدة تملك تصوراً واضحاً عن هذا العقد يمكن أن يتم طرح فكرته على المجتمع الأردني؟.
السؤال الثالث يتعلق بالأحزاب السياسية، حيث تم تخصيصها بفقرة واضحة من كتاب التكليف الملكي، فما هي وجهة نظر الرئيس وفريقه حول دور الأحزاب القادم، وهل التشكيل الحكومي الجديد ينسجم مع هذه الرؤية، وهل يملك الوزراء المختصون بهذا الجانب خطة واضحة للانتقال بالحياة السياسية لتكون قائمة على الفلسفة الحزبية مضمونا لا شكلا؟.
السؤال الرابع يتعلق بالثقافة الوطنية للشعب الاردني والدولة الأردنية، فهل نحن بصدد ترسيخ معالم الهوية الأردنية الاصيلة، وهل عزمت الحكومة أمرها نحو إعادة بناء الثقافة العروبية الاسلامية لهذا الشعب التي تعرضت للتشويه والانتقاص والتخريب والتدليس، وهل نحن بصدد إيجاد جيل جديد يحمل ثقافة الانتماء الوطني الأصيلة القادرة على مواجهة الهزيمة الثقافية المريرة، ومواجهة ثقافة التغريب والانسلاخ والضياع التي تعاني منها الأجيال، وهل نحن بصدد إيجاد الشخصية الأردنية القوية المكتملة التي تجمع بين العلم والمعرفة والانتماء والاصالة، والشخصية التي تحمل الخلق القويم والتسامح والتوافق والتشاركية وقبول الآخر، وثقافة الانتاج والاعتماد على الذات.
السؤال الخامس يتعلق برؤية الحكومة لنفسها، فهل تؤمن بأنها حكومة انتقالية، تريد أن تنقل الشعب الأردني نحو مرحلة الديمقراطية الحقيقية ومرحلة الحكم الرشيد والحكومة البرلمانية من خلال منظومة تشريعية قادرة على ايجاد البنية الصالحة لانتاج هذه الحالة الديمقراطية الأصيلة وعلى رأسها قانون انتخاب يكرس التنافس بين البرامج السياسية بعيداً عن الانتماءات الجهوية الضيقة؟.
السؤال الاخير يتعلق بما يدور على ألسنة الناس بالقول هل الحكومة تنطق بلغة الاردنيين وتعبر عن مشاعرهم وتحس بوجعهم وتلمس جروح فقرهم وتقدر تضحيات ابنائهم على الحدود وعلى تخوم الصحراء الممتدة شرقا وجنوبا، وهل لديها فكرة حول بعض اطفال المدارس الذين يأتون عراة الاقدام الى ابنية متهالكة بلا نوافذ ولا مرافق، وهل يسمعون أنين المزارعين المنكوبين الذين يعجزون عن استرداد نفقاتهم؟.
د. رحيل غرايبة