المفاوضات الجارية حاليا بين الجانب الروسي وممثلي “المعارضات” المسلحة في الجنوب السوري هي الخطوة الحاسمة في تقرير مسار الأحداث للأيام المقبلة.
اختبرت المعارضة التصعيد العسكري في الأيام الماضية، وخسرت المواجهة على أكثر من جبهة، لكن روسيا تعلم أن الحسم العسكري لن يكون بتناول اليد بالسرعة التي يتوقعها البعض. لدى المعارضة، ورغم انقطاع الدعم الأميركي، القدرة على الصمود لأسابيع.
كلفة الصمود ستكون باهظة على المدنيين، وستخلف خسائر بشرية هائلة في ضوء التجارب السابقة.
الأردن يعي هذه المسألة، ويدرك عن كثب التبدلات الجارية في المواقف الدولية، ولهذا يدعم بقوة المفاوضات بين ممثلي الجيش الروسي والمعارضة المسلحة، ويأمل بالتوصل لهدنة طويلة المدى، تسمح بإجراء تسويات سياسية ومصالحات ميدانية، ظهرت بوادرها الإيجابية منذ أسابيع، وكان لافتا وسط خلافات المجموعات المسلحة 12 من الوسطاء السوريين في درعا.
المصلحة الكبرى للأردن تكمن في وقف القتال وإنجاز المصالحات، لاحتواء موجات النزوح التي بدأت تجاور حدوده، وسط حالة من اللامبالاة من طرف القوى الدولية بالجانب الإنساني للأزمة.
يتبنى الأردن بهذا الخصوص مقاربة واقعية، تستند إلى ضرورة العمل من الداخل السوري لمساعدة اللاجئين بدلا من المسارعة لفتح الحدود واستقبال عشرات الآلاف من اللاجئين.
حسب تقديرات مطلعين، إعلان فتح الحدود سيجلب نحو ربع مليون سوري في غضون أيام فقط.
ما من دولة في العالم يمكنها استيعاب هذا العدد في سنة، فكيف الحال في بلد استقبل من قبل أزيد من مليون لاجئ، ويعاني من شح كبير في الموارد، وتجاهل من المجتمع الدولي الذي سارعت منظماته إلى التحذير قبل أيام من نقص شديد في المخصصات يحول دون قدرتها على مساعدة اللاجئين.
مناطق شمال الأردن بالكاد توفر الجهات المختصة الحد الأدنى من حصتها بالمياه، فمن أين لها أن توفر موازنة مائية لربع مليون وافد جديد؟
هناك أطراف من المعارضة ولعلها من المحسوبة على الجماعات الإرهابية، تسعى جاهدة لإفشال المصالحة السورية، وإبقاء الوضع على حاله في الجنوب لمواصلة نشاطها الإرهابي، على أمل أن تستعيد حضورها من جديد في المشهد السوري.
واشنطن، وفق مصادر دبلوماسية، ليست بعيدة عن مجريات المفاوضات بين روسيا والمعارضة، وحسب المصادر نفسها، لم تبد حتى اللحظة أي اعتراض على سير المفاوضات أو مخرجاتها، وخلال القمة المقررة بين ترامب وبوتين منتصف الشهر الحالي، من المتوقع الخروج بموقف مشترك حيال الأوضاع في سورية، يؤكد ما تفاهم حوله الطرفان من قبل. وربما تكون هذه هي البداية لتسوية شاملة في سورية، بدأت ملامحها بالتبلور في اجتماعات لجنة الدستور بجنيف، وما تسرب عنها من معلومات مبشرة.
بكل الوسائل المتاحة، ينبغي العمل لإنجاز اتفاق بين المعارضة المسلحة وروسيا. إنه البديل الأفضل لكل الأطراف وفي مقدمتهم أهالي درعا.
فهد الخيطان