البيان الذي سيلقيه رئيس الوزراء عمر الرزاز في مجلس النواب، يدشن المرحلة الثانية من النقاش الوطني، بعد مرحلة أولى أعقبت تكليف الرزاز وتشكيل حكومته.
لقد شهدنا، في الأسابيع القليلة الماضية، سجالا وطنيا عميقا حول تحديات المرحلة وأولوياتها، وأداء حكومة الرزاز، ووجبة قراراتها الأولى. كان ثمة انقسام من دون شك حول نجاعة توجهاتها، لكنها في المجمل كانت استجابة مباشرة وآنية لأولويات عاجلة فرضها الشارع.
في البيان الوزاري اليوم، سيرسم الرزاز الخطوط الرئيسية لسياسات حكومته بمختلف المحاور، لكن كما هو الحال دائما بالنسبة للجمهور، الحكم سيكون على المخرجات والنتائج في الأشهر المقبلة.
بعد التجربة، أنا لا أميل لإصدار أحكام قاطعة بعد فترة المائة يوم، لأنها بالفعل ليست كافية لقياس الأداء في قطاعات ضخمة، تعاني من مشاكل مزمنة وعميقة. ثم لا ننسى أن هذه الحكومة جاءت في منتصف السنة المالية، وعليها أن تتعامل مع موازنة مقرة مسبقا قد لا تنسجم بمعطياتها مع خططها وتوجهاتها.
النقاش الذي سيشهده مجلس النواب لبيان الثقة وعلى أهميته، ليس هو الميدان الوحيد لبناء التوقعات. هناك نقاش مواز بدأته الحكومة مع القوى الاقتصادية والاجتماعية حول جملة من المواضيع الرئيسية وأهمها النظام الضريبي في الأردن.
في اعتقادي أن محصلة هذا النقاش ستقرر إلى حد كبير مكانة الحكومة لدى الطبقة الوسطى في البلاد. لا ننسى أن التغيير الحكومي جاء على وقع احتجاجات اجتماعية تصدرها مشروع قانون الضريبة المعدل الذي دفعت فيه الحكومة السابقة للبرلمان قبل أن تبادر الحكومة الحالية لسحبه.
منذ أيام، يقود نائب رئيس الوزراء، رجائي المعشر، حوارا مع الفعاليات الاقتصادية والنقابية والحزبية حول النظام الضريبي. وفي كل مرة أعلن الرزاز ونائبه المعشر أن الحكومة تجاوزت نهائيا المشروع السابق للقانون، وهي بصدد طرح مشروع جديد كليا يعالج المسألة الضريبية بشكل شمولي.
لم تكشف الحوارات الجارية عن توجهات الحكومة بهذا الصدد، فقد اكتفى الوفد الوزاري بالاستماع إلى آراء واقتراحات الأوساط المعنية، لكن عند مرحلة من الحوار، يتعين على الحكومة أن تدلي بدلوها، وتقترح معادلة ضريبية ليغدو للنقاش قيمة ومعنى.
هنا يكمن الاختبار الأهم لحكومة الرزاز. ففي اعتقاد الكثيرين أن شكل وهوية النظام الضريبي في الأردن هما المحدد الرئيسي لمستقبل العلاقة بين الدولة ومواطنيها، وهما إلى جانب عناوين أخرى الأساس الذي تقوم عليه فكرة العقد الاجتماعي.
ربما يستغرق النقاش حول هذا الموضوع فترة ليست قصيرة، وينبغي على الحكومة أن تستعد لهذا السيناريو. لن يكون سهلا خلق التوافق ولا أقول الإجماع حول السياسة الضريبية في غضون أسابيع، وسيبقى هناك من يعترض على القانون المقترح، لكن في كل الأحوال، الحاجة ماسة لكسب رضا القطاعات الأساسية المشكلة للطبقة الوسطى في الأردن، وخلق الحافز لتحريك عجلة الاقتصاد الوطني بأقل قدر ممكن من الأعباء الضريبية، خاصة في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها.
فهد الخيطان