توجهت الحافلات التي تقل عناصر التنظيمات المسلحة في الجنوب السوري صوب محافظة إدلب، بينهم أفراد تنظيم جبهة النصرة الإرهابي. يمثل هذا التطور مكسبا أمنيا للأردن، الذي صاغ مقاربته في الجنوب السوري وفق أولويات المصلحة الأردنية، وبما يجنب بلادنا شرور الإرهابيين.
في مرحلتي “خفض التصعيد” واتفاق التسوية الروسي في الجنوب، خرج الأردن رابحا. اتفاق خفض التصعيد حافظ على استقرار الجنوب السوري وأمن الحدود الأردنية، واتفاق التسوية جنب الأردن معارك ضارية والمزيد من اللاجئين.
ومع انتشار الجيش السوري على طول الحدود مع الأردن، عبر قادة عسكريون على الجانب الأردني عن ارتياحهم لهذا التطور، ورأوا فيه ضمانة قوية لتأمين الوضع على الجانب الآخر.
لكن المهمة لم تنجز بعد، ومصلحة الأردن توسيع نطاق التسوية في الجنوب الغربي لسورية.
لقد بدأت العملية بالفعل، فقد وسعت القوات السورية من نطاق عمليتها لتشمل الريف الشمالي الغربي من الحدود، لكن ما يهمنا في الأردن تسوية تنهي وجود جيش خالد بين الوليد التابع لتنظيم داعش الإرهابي على المثلث الحدودي.
كان وجود ما يزيد على ألف إرهابي من عناصر الجيش قرب حدودنا محل مراقبة دقيقة ومكثفة من الجيش الأردني. وفي كل مرة حاول فيها الاقتراب أكثر تدخل الأردن لكبح جماحه. بيد أن هذه المجموعة الإرهابية باتت معزولة وتدرك قرب نهايتها، ولذلك من غير المستبعد أن تقدم على خيارات انتحارية.
من الناحية العسكرية، لا تنقص الأردن القدرة ولا القوة على تصفيتها في غضون ساعات، لكن المنطقة المحيطة بتواجد آخر جيوش “داعش” المنظمة في سورية، تشهد تحركات عسكرية سورية وروسية، وثمة محاولات لعقد صفقة مع الإرهابيين يتم بموجبها ترحيلهم إلى شمال سورية أسوة بمجموعات مسلحة.
ليس مستبعدا إبرام الصفقة، فقد سبق للسوريين وحزب الله أن عقدا صفقة مع مجموعات إرهابية استحكمت بمناطق حدودية مع لبنان، تم على إثرها ترحيلهم إلى دير الزور.
الجانبان الروسي والسوري، وتحت التهديد باستخدام القوة، يحاولان الضغط على الدواعش لمغادرة حوض اليرموك. سيمثل هذا التطور إن حصل مكسبا للأردن، يستطيع بعده أن يشعر بالاطمئنان أكثر حيال أمن حدوده الشمالية. لكن تتعين في هذه المرحلة اليقظة الشديدة للحؤول دون فرار الإرهابيين في حال فشلت التسوية، ووقعت المواجهة العسكرية.
سيكون للتسوية في الجنوب السوري تبعات وذيول أمنية وعسكرية إلى أن تنجز بنود الاتفاق كاملا في الأسابيع المقبلة. ويبقى الهدف الأكثر إلحاحا هو تصفية وجود تنظيم داعش قرب حدودنا وإنهاء وجودهم بشكل كلي، قبل أن نعود لمسح شامل ودقيق للمناطق المحاذية لحدودنا للتأكد من خلوها من الخلايا الإرهابية، وفي هذا الصدد، ينبغي العمل بشكل جدي لضمان موافقة الأطراف المعنية على الجانب السوري بتفكيك مخيم الركبان الذي شكل ملاذا للعناصر الإرهابية، وآخر تجمع للنازحين في الجنوب السوري.
في المحصلة النهائية، سيعود الهدوء للجنوب السوري، وبذلك يتحقق الهدف الأردني الذي انتظرناه خمس سنوات، فيما الأزمة السورية تبقى ميدانا للتفاعلات الدولية والإقليمية على أمل التسوية النهائية في القريب العاجل.
فهد الخيطان