إنها بدعة بالفعل، ماذا يمكن لحكومة جديدة أن تنجز في مئة يوم؟
مهلة المئة يوم تقليد في عدد من دول العالم،ومبدأ لقياس توجهات الرأي العام في استطلاعات مراكز الدراسات، لكنه ليس مهلة جدية لقياس الإنجاز.
تستطيع أي حكومة في هذه الفترة أن تعرض للرأي العام خططها وبرامجها ليس أكثر.وفي حالة حكومة الدكتور عمر الرزاز، شهدنا مثل هذا الالتزام ولو بشكل أولي. لكن الحكومة دخلت حيز المئة يوم غداة تشكيلها، وانقضى الأسبوع الأول من المهلة في ترتيب أرواق الحكومة وإعداد البيان الوزاري لطلب ثقة مجلس النواب،وأسبوع ثان لمشاورات مع الكتل النيابية حول البرنامج بالتزامن مع لقاءات مع فعاليات اقتصادية وسياسية حول تعديلات قانون ضريبة الدخل.
الأسبوع الثالث هاهو ينقضي بجلسات الثقة، حيث يلتزم الوزراء مقاعدهم تحت القبة لأيام متتالية، لايتمكن معها بعضهم من متابعة شؤون وزارته.
الوزراء الجدد في الحكومة يحتاجون لأكثر من أسبوعين للإلمام بشؤون وزاراتهم، والتعرف على المدراء ومطالعة الخطط والمشاريع. أما الوزراء من الحكومة السابقة، فعليهم أن يسارعوا إلى التكيف مع المتغيرات التي يتطلبها برنامج الحكومة الجديدة وتعليمات رئيس الوزراء.
حتى في اللجان المنبثقة عن مجلس الوزراء والتي تعد مطابخ صناعة القرار الحكومي حدثت تغييرات جوهرية في تركيبتها كاللجنة الاقتصادية بعد تولي فريق اقتصادي جديد مسؤولياته، الأمر الذي يستدعي مراجعة القرارات السابقة ووضع خطة عمل جديدة وفق أولويات مختلفة،ناهيك عن تأطير عمل اللجان.
وثمة جانب مهم لايمكن تجاهله.حكومة الرزاز تشكلت بمنتصف السنة المالية، وتتعامل مع موازنة عامة قائمة لامجال فيها لمشاريع جديدة أو نفقات إضافية،على العكس من ذلك الحكومة بادرت إلى خفض النفقات بقيمة 150 مليون دينار.وكل ماتستطيع فعله في هذا الميدان هو تسريع العمل بالمشاريع القائمة،خاصة في المحافظات،وتقليص الإجراءات البيروقراطية لتمكين الإدارات الحكومية من إنفاق المخصصات المرصودة في الموازنة، وتسريع عملية اتخاذ القرار فيما خص طرح العطاءات وإحالتها بأقل قدر ممكن من المركزية السائدة حاليا.وقد باشرت فعليا تفويض صلاحيات الوزراء لمدراء الدوائر في المحافظات لتحقيق هذه الغاية.
إن المشكلات الرئيسية في الأردن هى في القطاعات الكبرى كالتعليم والصحة والنقل العام،وسواها من المجالات، وإحداث فرق ملموس فيها يتطلب زمنا طويلا،يتجاوز مهلة المئة يوم بمئات الأيام.
من الظلم لأية حكومة أن نربط في أذهان الناس بين الإنجاز ومهلة المئة اليوم، فيغدو الإنطباع الأول هو الحكم النهائي عليها،فتتراجع شعبيتها استنادا لحكم أولي يبقى عالقا في الأذهان.
يتعين على الحكومات أن تقدم خطط عمل تفصيلية سنوية،تخضع دائما للتقييم والمساءلة، وللمراجعة أيضا وفقا للمتغيرات غير المحسوبة، خاصة في بلد مثل الأردن ترتبط نفقاته بالمساعدات واوضاع السوق، والتطورات الإقليمية من حوله.
بعد فترة وجيزة ستنقضي نصف مهلة المئة يوم،وفي غضون أسابيع سنجد أنفسنا وقد تجاوزناها كاملة،فعن أية إنجازات نسأل الحكومة؟
لهذا السبب علينا دائما أن نعد للمئة قبل أن نستعجل في طلب رحيل الحكومات،لأننا باختصار نهدر وقتنا في منح الفرص والمهل.
فهد الخيطان