كتّاب

عودة السوريين الطوعية المهمة رقم واحد

لم يكشف الجانب الروسي ولا الأردني طبيعة الأفكار التي عرضها وفد موسكو في عمان لتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم. لكن من الواضح أن الطرفين اتفقا على العمل لتأمين أفضل السبل للعودة الطوعية.
الأردن أكثر الدول المستضيفة للاجئين السوريين رغبة بتوفير ظروف ملائمة لعودة اللاجئين في أسرع وقت ممكن لما يشكله اللجوء من عبء كبير على موارد الدولة، ولهذا السبب كثف الأردن من تحركاته الدبلوماسية في الآونة الأخيرة لمنح هذا الملف أولوية على الأجندة السياسية بالتزامن مع استعادة الجيش السوري السيطرة على معظم الأراضي.
لكن إنجاز مهمة بهذا الحجم ليس بالسهولة التي يتصورها البعض. ثمة محددات في القانون الدولي ينبغي على الأردن الالتزام بها، وفي مقدمتها عدم إجبار اللاجئين على العودة بشكل قسري. وفي المقابل، لدى المنظمات الأممية المعنية اشتراطات لابد من تحققها لضمان تعاونها في إنجاز المهمة.
ولا شك أن الجانب الروسي الذي قرر تولي العملية يدرك هذه الأبعاد، وسيعمل على توفير المتطلبات الدولية والتنسيق مع الأمم المتحدة لكسب دعمها. في المقابل ستعمد قوى إقليمية ودولية أيضا لتعطيل الجهود الروسية، بهدف إبقاء الأزمة السورية مشتعلة ولو على مستواها الإنساني، لقطع الطريق على انتصار روسي خالص في سورية.
الأردن ليس معنيا بهذه التجاذبات، فمصلحته الوطنية تقتضي تسهيل المهمة الروسية، وفق الاشتراطات الدولية، لتسهيل عودة السوريين إلى بلادهم، وتخفيف عبء اللجوء عليه.
الأمم المتحدة التي تعاني من نقص شديد بمواردها المالية معنية هي الأخرى بتقليص نفقاتها ومصاريفها على اللاجئين، ولن يتحقق ذلك إلا بتأمين عودة أكبر عدد ممكن من اللاجئين، وتوجيه الموارد لمساعدتهم على استعادة دورة الحياة الطبيعية في أماكن سكناهم الأصلية.
وفي حال اكتمال شروط العودة الطوعية، من وجه نظر الأردن، ينبغي على الحكومة تنظيم حملة في أوساط اللاجئين لتحفيزهم على العودة من خلال عرض شرائط وصور وبيانات موثقة تؤكد توفر شروط السلامة في مناطقهم الأصلية.
ويولي الأردن أهمية خاصة للاستقرار في المناطق الجنوبية من سورية، ليس لاعتبارات أمنية فقط، بل لأن 40 % تقريبا من اللاجئين السوريين في الأردن قدموا من تلك المناطق. وبالنظر لعلاقات الأردن الوثيقة مع المكونات الاجتماعية في محافظة درعا وجوارها، فبإمكانه العمل عن كثب مع الجانبين الروسي والسوري لتأمين شروط العودة الطوعية لأبناء تلك المناطق من اللاجئين السوريين في الأردن.
هناك ضمانات ينبغي على الحكومة السورية توفيرها لتطمين اللاجئين على حياتهم وتوفير متطلبات العيش الكريم بحدها الأدنى، لكن هناك حاجة لتعاون أكبر في مجال محاربة الجماعات الإرهابية، خاصة تنظيم داعش الإرهابي المتمركز على مقربة من حدودنا، للقضاء التام على وجوده، وتنظيف جميع مناطق الجنوب السوري من خلاياه، التي تمكنت قبل أيام من ارتكاب مجزرة إرهابية بشعة في السويداء.
إن مثل هذه الجرائم تنفر اللاجئين من فكرة العودة، ولابد من تكثيف الجهود للقضاء على نقاط تمركزها. وقد يتطلب ذلك تنسيقا عملياتيا مع روسيا بوجه خاص، بعد أن رفع الجانب الأميركي يده، وسلم كل واجباته لموسكو وتل أبيب.

فهد الخيطان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *