كتّاب

ليتها ما كانت: الثورة السورية أم «الاستسلام» في درعا ؟!! (1-3)

لم يشتغل لمصلحة النظام السوري أحد، كالأطراف المسلحة الإرهابية وغير الإرهابية، التي وفّر لها المال الخليجي والغربي والتسهيلات اللوجستية التركية، فرصة التدفق على سوريا بعشرات الآلاف. لقد خدمته داعش والنصرة وعشرات التنظيمات النووية، اكبر مما خدمته روسيا وايران. لا بل ان تدخل روسيا وايران جاء بسبب ان التنظيمات المسلحة انهكت النظام وجعلته يترنح.
كان معلوما ان الفصائل لا تهزم الأنظمة. الفصائل تستدرج الانظمة، تبهدلها، تفضحها، تجرحها وتحرجها لكن لا تسقطها. فالفصائل ترفع رايات عديدة -حسب تعدد الممولين 105 تنظيمات في درعا وحدها- ولا ترفع راية الثورة الموحدة. وتعتمد عقائد ومذاهب دينية وسياسية وعسكرية مختلفة ومتطاحنة، مقابل نظام متماسك بقيادة واحدة وبراية واحدة وبعقيدة عسكرية وسياسية واحدة.
وبدل اعتماد أساليب النضال السياسي لتحقيق الديمقراطية والكرامة الإنسانية، كما بدأت ثورة الياسمين السورية، تمت عسكرة الثورة واقلمتها وتدويلها، وركبها الاصوليون الذين أثاروا فزع العالم وشكوكه. وادت مقارفاتهم الوحشية واستهداف الأقليات: النصيرية-العلوية (12 %) والمسيحية (5 %) والتركمان والكرد والشيعة الى «تطويب وطوبرة» تلك الأقليات خلف النظام بكل طاقتها.
لقد جربت قوى المعارضة السورية، وتحديدا الاخوان المسلمون، الانتفاضة العسكرية المسلحة ضد نظام الأسد الاب فاغتالت العديد من قياداته ورد بارتكاب مجزرة سجن تدمر في 27 حزيران سنة  1980 ومجزرة حماة في 2 شباط سنة 1982.
أخطأت قوى الثورة السورية الأساسية، والاخوان المسلمون ابرزها، بالرضوخ لقرار الممولين والجناح المتشدد عندهم، بعسكرة الثورة السورية رغم خبرة عسكرة التمرد الدموية ضد الأسد الاب، التي نقدوا تحولها من النضال السلمي الى العمل المسلح.
ولذلك لم تتمكن «الثورة السورية» بعد عسكرتها وتخريبها وإفسادها بالرشاوى، من استمالة الشعب السوري الذي ظلت معظم قطاعاته موالية: الجيش، الامن، الإدارة، الاقتصاد، الدبلوماسية، العشائر.
الدكتور إبراهيم الجباوي المتحدث باسم المعارضة السورية المسلحة استضفناه في «الدستور» في 7 تموز الجاري فقال لنا: ليتها ما كانت!! ولما سألناه: أتقصد الثورة السورية أم الاستسلام في درعا؟ قال مستدركا: أقصد الاستسلام!!
ما جرى في درعا لم يكن مفاوضات. لقد طلب المفاوض الروسي الموافقة على شروط كانت مكتوبة على الورق، او ستخرج فورا 40 قاذفة استراتيجية روسية من قاعدة حميميم لتحرق كل شيء.
لقد انتصر الأسد الابن أيضًا.
يربح المعركة، النظام الذي تحميه كتلة صلبة مكونة من نحو 2 مليون علوي، تمسك مفاصل كل شيء في سوريا- الجيش والأمن والمال والاقتصاد.

محمد داودية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *