يخشى الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي من حرب محتملة مع إيران خلال الـ10 سنوات المقبلة. ولتفادي هذا الخيار يحث المجتمع الدولي على ممارسة المزيد من الضغوط السياسية والاقتصادية.
المواجهة العسكرية مع إيران هي في كل الأحوال كارثة كبرى على المنطقة والعالم، لن يخرج منها منتصر، بل دول محطمة وثروات مهدورة وكارثة إنسانية تضاعف من أوضاع المنطقة المنهارة أصلا.
واستنادا للمتغيرات الجارية حاليا في السياسة الأميركية والإسرائيلية تجاه إيران فإن خطر المواجهة العسكرية يلوح في أفق زمني أقرب من توقعات الأمير محمد بن سلمان.
لكن دول المنطقة وفي مقدمتها السعودية هي الوحيدة القادرة على تفادي هكذا سيناريو خطير.
الحقيقة أننا لسنا أمام خيارين لاثالث لهما؛ العقوبات أو الحرب. مع إيران تحديدا جرّبَ خيار ثالث، ومايزال قائما، وهو الحوار الذي أفضى لصفقة دولية تم بموجبها توقيع الاتفاق النووي الذي حال دون تمكن إيران من امتلاك سلاح نووي. ولا ينفي هذه الحقيقة أشد المعارضين له.
لقد تم اختبار سلاح العقوبات في العديد من الصراعات الدولية، لكنه لم يحقق النتائج المطلوبة. حالة كوريا الشمالية مثال حي على هذا الإخفاق. لسنوات طويلة خضعت كوريا الشمالية لنظام عقوبات صارم، غير أن ذلك لم يثنها عن سياساتها. بالنتيجة استجابت القوى الدولية لخيار الحوار، وهاهو دونالد ترامب شخصيا يبدي استعداده للقاء رئيس كوريا الشمالية، فيما تجري الاستعدادات حاليا لقمة الكوريتين.
في حالة العراق اختبرت القوى الغربية الخيارين؛ العقوبات والحرب. في الحالتين كانت النتائج كارثية ليس على العراق فحسب، بل على المنطقة والعالم.
العالم كله يشعر اليوم بالندم لمسايرته الإدارة الأميركية وإسرائيل في العراق، لأن تلك المغامرة العسكرية لم تجلب سوى الكوارث.
بعد الحرب العالمية الثانية معظم الأزمات الدولية تمت تسويتها بالمفاوضات إلى أن جاءت إدارة اميركية وأخلّت بهذا المبدأ.
الأزمة في مستواها الدولي مع إيران تمت تسويتها بالاتفاق النووي، وهو أعظم إنجاز لإدارة باراك أوباما، لكن الأزمة الإقليمية ما تزال قائمة، ويتعين على الدول المعنية في المنطقة تحمل مسؤولياتها وإنجاز صفقة مشابهة مع إيران.
المملكة العربية السعودية يمكن أن تلعب دورا قياديا على هذا الصعيد. ملفات الاشتباك مع إيران كلها مرتبطة بالسعودية ودول الخليج أولا، ومامن أحد يقلل من مخاوفهم حيال دور إيران في المنطقة، لكن هذا حال كل القوى الإقليمية اليوم؛ منافسة محمومة لتدعيم نفوذها وشروط قوتها، وتشترك في هذا النشاط إلى جانب إيران تركيا وإسرائيل والسعودية أيضا. وليس مستبعدا أن تعود مصر قريبا لمسرح الأحداث مع استقرار أوضاعها الاقتصادية.
الضغوط السياسية والاقتصادية لم تمنع طهران من ممارسة نفوذها في المنطقة، على العكس تماما فقد أعطت لسرديتها السياسية زخما أكبر فتمددت في ساحات جديدة. ولا ننسى أن الانهيار الذي أصاب المنطقة بعد الربيع العربي جعل من منطقتنا العربية ساحة لجميع القوى المتنافسة.
ثمة تجارب سابقة بين السعودية وإيران تزكي المفاوضات كخيار بديل. اتفاق الطائف اللبناني كان في الواقع نتيجة لتفاهم مع إيران وسورية، ولولا هذا التفاهم لما تمكن لبنان من أن ينعم بالاستقرار طوال هذا الوقت.
الشرط الوحيد لنجاح خيار الحوار مع إيران هو استبعاد إسرائيل من الحسابات العربية.
فهد الخيطان