سيجتمع مجلس النقباء السبت المقبل لتدارس موقف النقابات المهنية من مشروع قانون ضريبة الدخل.رئيس المجلس نقيب أطباء الأسنان وفي مقابلة مع برنامج”صوت المملكة” على قناة المملكة،بدا منفتحا للحوار حول مشروع القانون،ويدرك الحاجة الموضوعية لمقاربة المصلحة الوطنية من كل زواياها،بعيدا عن المواقف المسبقة والمتشنجة.
لا اختلف مع الرأي الذي يقول بأن مشروع قانون حكومة الرزاز يشبه إلى حد كبير قانون حكومة الملقي،ورئيس الوزراء عمر الرزاز لم ينكر ذلك ضمنا،فقد شرح بشفافية وافية الاعتبارات التي حكمت مفاوضات الحكومة مع صندوق النقد الدولي،والتي لم يطرأ عليها تغيير بعد استقالة الحكومة السابقة وتولي الرزاز دفة المسؤولية.
بمعنى آخر حكومة الرزاز جاءت بنهج جديد، لكن صندوق النقد ظل على نهجه، لأن الواقع الاقتصادي والمالي لم يتغير في ثلاثة أشهر ولن يتغير قبل أن يمر وقت كاف على تطبيق سياسات جديدة في مختلف المجالات والقطاعات.
يتعين على قادة النقابات المهنية أن يتمعنوا في الصورة الكلية،ويسترجعوا شريط الذكريات القريبة.لقد رفضوا قانون الضريبة الذي تقدمت به حكومة الملقي، كما رفضوا الحوار حوله مع مجلس النواب وأصروا على سحب المشروع. تفاعلت الأحداث ميدانيا وحدث ماحدث على الدوار الرابع. جاءت حكومة جديدة وأعلنت سحب القانون،ثم انخرطت في حوار حول قانون جديد،أفضى إلى مشروع القانون الحالي.
إعادة انتاج الموقف السابق من جانب النقابات يعني العودة إلى مربع الأزمة ليس إلا، فقد ثبت أن هامش التغيير في قانون الضريبة محدود للغاية، بصرف النظر عن هوية الحكومة ونهجها.
بهذا المعنى، يغدو التصعيد الميداني ضد مشروع الحكومة تأزيما بلا معنى أو نتيجة،فرحيل حكومة ومجيء حكومة جديدة لن يغير شيئا.
الحل الأنسب هو الانخراط في حوار حول القانون مع مجلس النواب، والعمل على إدخال ما يمكن من تحسينات عليه، ليتوافق مع الحد الأدنى من المطالب.واكثر من ذلك توسيع دائرة الحوار ليشمل العبء الضريبي برمته،وإلزام الحكومة بطرح حزمة متكاملة من السياسات الضريبية للتخفيف على أصحاب الدخول المحدودة.
الحكومة لديها تصور بهذا الشأن وبشرت فيه على نطاق واسع. المطلوب حاليا ترجمة الوعود إلى قرارات،خاصة فيما يتعلق بتخفيض ضريبة المبيعات على سلع أساسية،كما أقترح الضغط على الحكومة لرفع الحد الأدنى للأجور.
جاءت حكومة الرزاز على وقع أزمة عامة،وحظي تكليف الرجل بتأييد غير مسبوق في الشارع كما ظهر في استطلاعات الرأي العام.لا اعتقد أبدا أن الرزاز كان ليقبل خسارة شعبيته لو كان لديه خيارات أخرى، تضمن المحافظة على رصيده في الشارع، وتجنب البلاد تداعيات أزمة اقتصادية خطيرة.
اما دعوة البعض من محبي الرزاز بالاستقالة، فهي دعوة أنانية تريد منه أن يضع مصلحته الشخصية وشعبيته فوق مصلحة الوطن،فأصحاب هذه الدعوة يعلمون أن من يأتي بعده سيضطر لاتخاذ نفس القرارات.تجربة الحكومتين السابقتين تؤكد ذلك بكل أسف.
فهد الخيطان