المئات ممن التحقوا بتنظيم داعش الإرهابي وسواه من الجماعات التكفيرية حول العالم،يحملون سمات أعضاء خلية السلط الإرهابية. يكفي أن تتوفر بذرة السلوك المنحرف في دواخلهم حتى يصبح الانتقال من عالم المخدرات والجريمة إلى عالم الإرهاب أمرا في غاية السهولة.
أفراد الخلية الذين أدلوا باعترافات متلفزة أظهروا كم كان يسيرا عليهم التحول من حياة”التحشيش” والتورط في سرقة البنوك إلى عالم التكفير والقتل بدوافع إرهابية. بضعة محاضرات لقيادات التنظيم الإرهابي وجلسات استماع لفتاويهم وتوجيهاتهم كانت كفيلة بتحولهم إلى خلية إرهابية مستعدة للقتل بدون حساب.
ولا يحتاج الأمر لصلات تنظيمية مباشرة مع قيادة التنظيم أو حتى الرحيل إلى مناطق سيطرته، يمكن أن تصبح إرهابيا بالمراسلة الإلكترونية، وتحمل فكر التنظيم وتتمثله سلوكا وممارسة.المهم أن تكون بذرة الشر والانحراف حية في داخلك.
تكررت مثل هذه الحالات في عديد البلدان؛ شبان تحولوا إلى إرهابيين دون أن يغادروا دولهم، ونفذوا أبشع العمليات الإرهابية. حدث ذلك في فرنسا وبلجيكا وبريطانيا وأميركا ودول عربية وإسلامية وأخرى آسيوية مثل الصين والفلبين.
هي ثقافة العصابة بصرف النظر عن هوية فكرها أو أهدافها. يمكنك أن تقتل اليوم من أجل سرقة بنك وغدا باسم الدين.
لم يتلق أي من أعضاء الخلية الإرهابية التعليم الديني في المدارس أو المساجد. واحد منهم عمل خادما في مسجد، ولا تشير المعلومات المتوفرة عن وجود أية صلة سابقة لهم بتنظيمات حزبية أو دينية. لكن الملاحظ أن جلهم من حملة التعليم المتوسط”الدبلوم” وربما تخرج بعضهم من نفس المعهد،إضافة إلى صلة القرابة التي تجمع بعضهم.
في المحيط الاجتماعي ليسوا معروفين أبدا بتشددهم باستثناء زعيم الخلية الذي ظهرت علامات التشدد عليه قبل سنوات قليلة. ربما يكون بعض القريبين منهم عائليا لاحظوا تبدل سلوكهم، لكن وللأسف أغلبية الناس تتعامل بحسن نية مع مظاهر التطرف والانعزال، ولا تتوقف عن تداعياتها إذا ماتجاوزت الحدود المتعارف عليها اجتماعيا.
واللافت أيضا أن نشاط الخلية الإرهابي الذي بلغ مرحلة متقدمة في تحضير المتفجرات وتخزينها وتجريبها في أحد المواقع القريبة من مدينة السلط لم يلفت نظر أسرهم أو جيرانهم ومعارفهم.
كما أن تجربة الخلية الإرهابية مع شراء الأسلحة تظهر مدى الحاجة الماسة لمراقبة سوق السلاح في الأردن وإخضاعه لأشد أنواع الرقابة، وشن حملة لاهوادة فيها على سوق التهريب الضخم،بعد انتشار منفلت لتجارة السلاح إلى الحد الذي أصبح فيه تهديدا وشيكا لأمن واستقرار البلاد.
المسألة المهمة أيضا والتي سبق أن حذر منها خبراء الجماعات الإرهابية هي فتوى تلك الجماعات باستهداف أفراد ومراكز الأجهزة الأمنية.عملية الفحيص الإرهابية والعمليات التي خططت لها الخلية وتم إحباطها، ومثلها خلايا إربد والكرك وعملية البقعة، كان المستهدف فيها رجال الأمن بالدرجة الأولى. ينبغي مراجعة إجراءات الوقاية لحماية الدوريات والمراكز الأمنية من استهداف الخلايا الإرهابية، وتوفير أحدث التقنيات والتعزيزات لتمكين الأجهزة الأمنية من أداء عملها دون تهديد أو خطر الاستهداف.
فهد الخيطان