كتّاب

نحسد الخروف

حتى الرئيس تدخل شخصيا لتبرير وجود خروف في أحد البكمات الحكومية أثناء عطلة العيد، وربما سيعقد مجلس الوزراء جلسة استثنائية لبحث آلية الرد على كل التهم الموجهة لحكومته بسبب الخروف، وسيؤكد أن الخروف يتبع إحدى دور الرعاية التابعة لوزارة التنمية ولا يتبع داعش!
الخروف الذي لا يدفع ضريبة، ولم يكتو برفع أسعار المحروقات، ولا يعرف بند فرق المحروقات على فاتورة الكهرباء، ولم يشارك في أي عرس ديمقراطي، ومن مواليد العام 2018، ومع ذلك استنفر الحكومة في العيد.. وأجرى الرئيس اتصالات لمعرفة وجهة الخروف أكثر مما أجرى من اتصالات لمعرفة وجهة مطيع؟!
في هذا العيد، حاولت أن أظهر على جسدي بعضا من أعراض مرض انفلونزا الطيور، حتى لا أقوم بواجبات العيد المرهقة ماديا، حقيقة طلبت من الجميع عدم زيارتي خوفا على صحتهم لأن المرض معدٍ، ومع ذلك أصر الجميع على زيارتي وبعضهم قال لي: والله لو معك انفلونزا الزرافة والحمار الوحشي والتمساح غير نزورك ونبوسك ونوكل من معمولك.. فلم تنطلِ حيلتي على أحد وكانت مخاسري بهذا العيد أكثر من مخاسر الليرة التركية!
صديق عزيز على قلبي، تعوّد في كل عام أن يأتي شقيق زوجته ليعايدها 100 دينار. ليلة الوقفة أصيب هذا الرجل بوعكة صحية وأدخل على إثرها العناية الحثيثة. يقول صديقي عرضت على الأطباء أن أعطيه كليتي والبنكرياس وجزءا من الأمعاء الدقيقة إن لزم الأمر، ووضعت في حسابه في بنك الدم أربع وحدات، وأمضيت الليلة في الدعاء بأن يمن الله عليه بالشفاء العاجل قبل أن ينتهي العيد!
هل تعلم يا دولة الرئيس.. أن حالات العنف الأسري أيام العيد تنخفض الى الصفر، وهل تعلم أن المحاكم لا تسجل أي حالة طلاق، وهل تعلم أن العلاقات الزوجية في الأردن تشهد تقاربا أكثر من العلاقات السورية الروسية، وذلك بالطبع طمعا في عيدياتها، فهو إذا لم يحصل عليها سينعكس ذلك سلبا على إيرادات محارمه لهذا العام.
في العيد إن زارت المنظمات الدولية المعنية بالطفولة الأردن، سيتصدر الأردن بكل تأكيد التصنيف العالمي.. فنحن في العيد لا نجرؤ على استخدام أي نوع من الشباشب ضد أطفالنا، ونحن من نبوسهم في اليوم 100 مرة، وبعضنا يعرض عليهم أن يركبوا على ظهره حتى يشعروا بفرحة العيد.. في النهاية كل ذلك الحنان والانحناء والانبطاح حتى نستولي على ما في جيوبهم من عيديات.
قبل أن تسأل عن الخروف؟! اسأل عن المواطن الذي أصبح يزور خالته وهو في الطريق يدعي: يا رب مش بالدار.. يا رب مش بالدار. اسأل عمن له ست عمات؛ حيث يعجز صندوق النقد الدولي عن تمويل عيدياتهن. اسأل كيف سينثر من راتبه 350 دينارا الفرح بين كل أبناء الجيران والأخوات والإخوة؟!
سيدي كان العيد فرصة لترى نتائج سياسات حكومات الجباية، كيف أرهقتنا، كيف قتلت الفرحة فينا، وكيف أصبحنا نحن الأضحية لتجاربهم ورفعاتهم وفسادهم؟!
سيدي نحسد الخروف على كل هذا الاهتمام الحكومي.. وإن كان الخروف في البكم فسادا.. فماذا تسمي من ما يزال في عنق الزجاجة رغم أنهم باعوا حتى الزجاجة!

صالح عربيات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *