ماتزال لدينا العزيمة الكافية لمقاومة الشرور والآفات داخل مجتمعنا.أبناء حي الطفايلة في عمان ضربوا المثل في الشجاعة والمسؤولية الاجتماعية عندما أطلقوا مبادرة “معا ضد المخدرات”.
المبادرون الشجعان تحركوا كقوة اجتماعية رديفة لمديرية مكافحة المخدرات، فقبل أيام انتشر فيديو لشبان من أبناء الحي وهم يلقون القبض على تاجر مخدرات تمهيدا لتسليمه للأجهزة الأمنية المختصة.
وسبق لهم أن نظموا حملات توعية بخطر المخدرات، ووقفات أهلية لفضح تجارها ومروجيها.
لايستطيع جهاز مكافحة المخدرات مهما بلغ من القوة والقدرة أن يقضي على هذه الآفة دون تعاون من المجتمع.
المروجون والتجار ليسوا كائنات فضائية لانعرف لهم هوية أو عنوانا، إنهم بيننا، ويسهل على الناس معرفتهم، خاصة في الأحياء الشعبية والجامعات والمدارس حيث لايستطيع أحد أن يخفي هويته أو نشاطه العملي.
يمكن بسهولة تحديدهم وكشفهم ومحاصرتهم، وضبطهم بالجرم المشهود، وتسهيل مهمة إيداعهم للسلطات المختصة.
حلقات الأصدقاء والأقارب والمعارف، هى الوسيلة المتاحة أمام تجار السم لترويج سمومهم، ومن السهولة بمكان تتبعهم بالاعتماد على قوة الوعي بخطر المخدرات على حياة الناس.
تنامي الاهتمام بمواجهة آفة المخدرات في مجتمعنا، مؤشر جدي على اتساع رقعة انتشارها، رغم جهود المكافحة المستمرة.
في كل لقاء يجمعنا بأقارب أو أصدقاء نسمع قصصا مقلقة عن انتشار المخدرات في أوساط الشباب، مثلما تشير ضبطيات”المكافحة” إلى زيادة واضحة في أعداد المتعاطين.
ومع اتساع رقعة التواصل الاجتماعي بين الناس عبر الوسائل الإلكترونية، صار بمقدور التجار والمروجين كسب زبائن جدد، واختراق أوساط اجتماعية ظلت محصنة لزمن مضى.
وقد ساهمت التحولات الديمغرافية التي يعيشها المجتمع الأردني في تنويع مصادر التهريب واكتساب خبرات إضافية في الترويج. ومع الزيادة الظاهرة في أماكن الترفيه توفرت منصات جديدة للترويج، وتوسعت قاعدة العملاء المحتملين من متعاطين ومروجين.
حي الطفايلة من الأحياء الشعبية القديمة في العاصمة، وطالما كان فاعلا ومتفاعلا مع القضايا العامة، وبرز من بين أبنائه وجوه ذات حضور في العمل العام. لكن أوضاعه الاقتصادية كما هو حال أحياء شعبية أخرى، جعلت منه نقطة جذب لتجار المخدرات.
لم يرض سكان الحي هذه الوصمة لحيهم الشعبي العريق، ونهضوا للدفاع عن صورته بمبادرة خلاقة هدفها الأول حماية أبناء الحي من خطر المخدرات القاتل، واجتثاث هذه التجارة من جذورها.
ماذا لو انطلقت مبادرات مماثلة في كل أحيائنا وجامعاتنا، تحاصر التجار والمروجين، وتساعد في القبض عليهم؟
الأكيد أن الدائرة ستضيق من حولهم، ولن يجدوا بيئة حاضنة لتجارتهم الفاسدة، فضلا عن العار الذي سيلحق بهم وبعائلاتهم، فمن يحتمل ان يكون والده أو شقيقه تاجر مخدرات، ترمقه نظرات الاحتقار كلما قابل جيرانه وأصدقاءه.
ففي حالة المخدرات لا يكفي بذل الجهد للقبض عليهم، بل تعريتهم اجتماعيا وعزلهم، ليدفعوا من سمعتهم ثمنا لمعاناة المدمنين وذويهم.
يستحق شبان حي الطفايلة، التحية والتكريم على مبادرتهم من الجهات الرسمية والمؤسسات الأهلية، فهذا ما تحتاجه بلادنا، دفاعا عن حق أبنائها في حياة نظيفة من المخدرات.
فهد الخيطان