كتّاب

إصلاح التعليم هو الإصلاح

منذ إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية قبل 18 شهرا، أصبح إصلاح التعليم في الأردن عنوانا رئيسيا من عناوين الإصلاح الشامل في المملكة. لكن ما لم نتمكن من إنجازه بعد هو جعل التعليم محور عملية الإصلاح برمتها.
من المفترض أن يتم تنفيذ أهداف الاستراتيجية الوطنية على مدى عشر سنوات، وقد بدأت خطوات فعلية في الأشهر الماضية لترجمة التوصيات إلى سياسات وتشريعات ووقائع ملموسة.
لقد تم بالفعل إنشاء المركز الوطني لتطوير المناهج، وبدأ العمل على تحديث منهاجي الرياضيات والعلوم، وشرع في مراجعة المناهج الدراسية من الروضة للصف الثاني عشر. ويستعد المركز للدخول بشراكات مع مؤسسات عالمية للتعاون في مجال تحديث المناهج.
وبينما بدأت أكاديمية الملكة رانيا لإعداد المعلمين، التي ما تزال في طور التأسيس، عملها بتخريج الفوج الثاني من المعلمين المؤهلين، تنوي إطلاق برنامج متكامل لتدريب جميع المعلمين على تدريس المناهج الجديدة.
وزارة التربية والتعليم، تولت العمل على تعديل التشريعات اللازمة لتتواءم مع متطلبات الإصلاح المنشود، وركزت بشكل خاص على الجانب المتعلق بإنشاء وترخيص رياض الأطفال. وخلال العام الماضي، تم افتتاح 418 شعبة صفية لرياض الأطفال في القطاعين الحكومي والخاص، ومن المفترض، حسب خطط الوزارة، افتتاح أكثر من 300 شعبة العام الحالي.
هناك حاجة لعدد أكبر من ذلك لتغطية جميع محافظات المملكة ومدارسها، لكن المخصصات المالية وتوفر الكفاءات المؤهلة يحكمان إلى حد كبير خطط التوسع.
امتحان الثانوية العامة طاله التطوير أيضا. وكما الحال في كل عملية إصلاح، فإن الجدل يستمر حول جدوى وصحة ما تم إقراره بخصوص امتحان التوجيهي.
أما التحدي الأكبر في هذا المجال، فهو إيجاد صلة منهجية بين امتحان الثانوية العامة والتعليم الجامعي، لتحقيق الهدف الاستراتيجي المتمثل بتوطين المسارات المهنية والتقنية على المستويين الجامعي والمتوسط بدلا من المسارات الحالية التي تتعارض ومتطلبات السوق الأردني وحاجات الأردن من الكفاءات المدربة، وهو المسار الوحيد الكفيل بتخفيض معدلات البطالة، وإنقاذ الميزة التنافسية للأردن كمصدر للموارد البشرية، وهي الميزة المهددة بالضياع حاليا.
لكن، ومثلما أشرت في البداية، فإن إصلاح التعليم لن يحقق أهدافه إذا لم يتحول إلى مشروع وطني عام، وعنوان رئيسي لعملية الإصلاح في الأردن.
لقد تبنت الحكومة الحالية استراتيجية تنمية الموارد البشرية وقدمت الدعم اللازم لها. وهي قبل ذلك تحظى بعناية مباشرة وحثيثة من جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا.
لكن في خضم التحديات والمشكلات التي تطاردنا داخليا وإقليميا، تختل الأولويات في أجهزة السلطة التنفيذية، ونفقد القدرة على التركيز.
المشكلة الأساسية، من وجهة نظري، هي أننا ولغاية الآن لم ننجح في حشد الرأي العام الأردني خلف مشروع إصلاح التعليم رغم الإدراك المتنامي لأهمية هذا المشروع.
ينبغي أن يقال للناس، وبشكل واضح وصريح، إنه وبدون إصلاح التعليم فلا أمل يرتجى من أي عملية إصلاح اقتصادية كانت أم سياسية. التجارب العالمية دلت على ذلك بوضوح، ومعاناتنا الحالية مع الثقافة السائدة والمفاهيم الجامدة مردها تخلف العملية التعليمية وعدم مواكبتها العصر.
عادة ما نركن لموروثنا الشعبي وأمثاله، ونتأثر بالقول الدارج “على مهلك ما حدا لاحقنا بحجر”. ارموا خلف ظهوركم هذا الموروث البائس؛ العالم سبقنا بآلاف الأميال وإذا لم نركض مسرعين سنتخلف للأبد.
التعليم الجيد هو فقط ما يمنحنا فرصة اللحاق بالعالم المتطور.

فهد الخيطان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *