كتّاب

أشهر حاسمة بانتظارنا

الأشهر الثلاثة المقبلة مهمة ومفصلية في مسيرة بلدنا.الطريقة التي ستقارب فيها مؤسسات الدولة التحديات المطروحة ستقرر إلى حد كبير قدرتنا على تخطي المصاعب، وامتصاص الصدمات المتوقعة.
على المستوى الداخلي،تعمل الحكومة تحت ضغط شديد من الشارع، ويتعين عليها التوصل لصفقة اقتصادية مع القوى الاقتصادية والاجتماعية حول قانون ضريبة الدخل. هذا التحدي لا مفر منه، ويتطلب إدارة ذكية للعلاقة مع البرلمان والنقابات المهنية وجماعات الضغط في الشارع.
فرصة الحكومة في هذا المجال جيدة جدا، فلديها رصيد مقبول وسردية متماسكة بشأن الإصلاح الضريبي الشامل يمكن البناء عليها لتمرير القانون. المهم أن لا تتباطأ في اتخاذ الخطوات المطلوبة في الوقت المناسب،وتدير الجدل حول مشروع القانون في سياق وطني عام لا يهمل الأبعاد الدولية،وتحافظ على منهجيتها الحالية القائمة على ربط”ضريبة الدخل” بحزمة إصلاحات ضريبية شاملة ومتدرجة.
التحدي الثاني الذي سيواجه الأردن بأبعاده الداخلية والخارجية ذاك المتعلق بالتطورات المتسارعة على صعيد القضية الفلسطينية.
بعد نحو أسبوعين ستنعقد الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك،بمشاركة رفيعة المستوى من الأردن. خلال هذه الفترة من المتوقع أن نشهد مزيدا من المواقف الأميركية الصادمة حيال قضية الشعب الفلسطيني.توقف واشنطن النهائي عن دعم وكالة غوث اللاجئين لن يكون آخرها، ففي جعبة الرئيس الأميركي لطمات أخرى،تتصل بمبدأ حق العودة للاجئين، وشطبه عن أجندة المفاوضات بين الجانبين بعد شطب القدس و”الأونروا”.
استثمر الأردن تقريبا هامش المناورة المتاح في علاقته مع واشنطن،ولن يتمكن من توسيعه بسهوله في المستقبل في ضوء تهالك الموقف الرسمي العربي، وسلوك إدارة ترامب مع الحلفاء.
المؤكد أن الحكومة ومؤسسات الدولة ستحرص على تثبيت مواقف الأردن حيال قضايا الحل النهائي في جميع المحافل الدولية، لكن القوى العالمية كلها تبدو اليوم عاجزة عن وقف إدارة ترامب عند حدود القانون الدولي.
لكن ما ينبغي فعله هو إعادة بناء الاجماع الأردني الفلسطيني وتثبيته حول القضايا الأساسية التي تربط الشعبين الشقيقين، والضغط بكل الوسائل المتاحة لتحفيز قوى دولية فاعلة على رفض مشروع تصفية قضية الشعب الفلسطيني.
في السياق ذاته ستبرز العلاقة الأردنية الإسرائيلية كتحد لا يمكن تجاهله، وستقفز إلى سطح الاحداث قريبا اتفاقية الباقورة والغمر كاستحقاق منتظر تترقب أوساط واسعة في الشارع الكيفية التي ستتعامل فيها الدولة مع الملف مع قرب انتهاء فترة التأجير.
المناخات السائدة حاليا في الشارع لاتبعث على التفاؤل، ولاتساعد أبدا على إدارة نقاش وطني هادئ حول ملف حساس كملف الاتفاقية مع إسرائيل. وبعد أسابيع قليلة يتعين على الحكومة أن تحسم خياراتها بهذا الشأن ليتسنى بعد ذلك البحث في سبل التعامل معها على المستويين السياسي والإعلامي،كي لا ننزلق في أزمة داخلية كبرى.
هناك تحولات إقليمية من حولنا تحمل في طياتها فرصا وتحديات في آن معا، يجب اختبار قدراتنا على توظيفها لصالحنا دون تردد، وأعني التحولات في المشهد السوري واستقرار الأوضاع النسبي في العراق.
الأشهر المقبلة ربما تشهد انفراجا في ملف اللاجئين السوريين مايخفف العبء قليلا عن الأردن، ويعوض نقص المساعدات الفادح.
في كل الأحوال ينبغي أن لانسمح للتحديات الصعبة التي تواجهنا بالتحول إلى أزمات داخلية. هنا يكمن التحدي أمام قيادات الدولة والمجتمع.

فهد الخيطان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *