تسرب القناة الثانية الاسرائيلية، معلومات، حول صفقة سلام اميركية جديدة، تتضمن دفع تعويضات مالية للفلسطينيين، مقابل قبولهم لهذه الصفقة، ولا احد يعلق على المعلومات حول الصفقة، من جانب الاميركيين او الاسرائيليين، فهي معلومات سبق ان تكرر نشرها بوسائل مختلفة، خلال العقود الفائتة، وعبر تصورات مختلفة، لتسوية القضية الفلسطينية.
اذا صحت هذه المعلومات، او لم تصح، فأن المشكلة الاساس، تكمن في اعتقاد واشنطن، ان بامكانها تسوية القضية الفلسطينية، تحت وطأة الضغوطات او الاغراءات، لكن الذي لا تريد واشنطن تصديقه، يتعلق بملفات مهمة جدا، ابرزها القدس، وقضية حق العودة، وشكل وخارطة الدولة الفلسطينية، هذا على افتراض ان الفلسطينيين يقبلون اساسا، قيام دولة في الضفة الغربية وحسب.
لا يمكن لاي طرف عربي، ان يكون قادرا على تمرير اي وصفة حل تريدها واشنطن، وهذا هو البعد الغائب في كل الاستراتيجيات الاميركية، اذ ان واشنطن تعتقد ان سلطة رام الله، او اي طرف عربي آخر، لديه القدرة على تمرير وصفات حل منقوصة، وهو ظن خاطئ، لان لا احد لديه القدرة، على تحمل الاتهام لاحقا، بكونه الذي تولى تصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية.
واشنطن ولكونها دولة عظمى وتسيطر على العالم، ولديها نفوذها في كل مكان، تعتقد انها اذا ضغطت من اجل صفقة ما، فأن الصفقة سوف تمر، وهي تتناسى هنا تفاصيل كثيرة، ابرزها اسقاط واشنطن للقدس، من خريطة الدولة الفلسطينية، ثم سعيها الى استبدال حق العودة بحق التعويض المالي، ثم نتائج ذلك على مستوى التوطين في كل دول جوار فلسطين، وهو امر لا يرضاه الفلسطينيون ولا شعوب تلك الدول، اقرارا من الجميع ان التنازل عن حق العودة، يعني نقل المشكلة الى دول اخرى.
النظام الرسمي العربي، لن يكون قادرا على التجاوب مع اي وصفات بهذه الطريقة، ولا نريد ان نتحدث هنا، عن رأي الناس، لان الكل يدرك موقفهم الذي يتكرر كل يوم.
لا يعقل ان تنقل واشنطن سفارتها الى القدس، وتعترف بالقدس عاصمة موحدة لاسرائيل، ثم تأتي في الشهر ذاته، شهر النكبة الفلسطينية، لتعلن عن خطة سلام تصفوية، للقضية الفلسطينية، وهذا من ناحية سياسية، يعبر عن اخفاق اميركي جديد، وسوء تقدير لطبيعة المنطقة، التي ان غرقت في الصراعات والحروب، واتسمت دولها بالضعف والهشاشة، الا انها لن تكون قادرة على التجاوب مع هكذا مخططات، تعني دفن القضية الفلسطينية، بل ان واشنطن هنا، سوف تتسبب بإحراج شديد لكل حلفائها في المنطقة، اذا تقدمت بوصفة عنوانها « فلسطين مقابل المال» مع طي كل الملفات الاساسية وغير الاساسية المرتبطة بالقضية الفلسطينية.
على الاغلب فأن الشهر المقبل، سيكون حساسا جدا، على القضية الفلسطينية، لاعتبارات كثيرة، وما يمكن قوله منذ الآن، ان اي خطة سلام اميركية، بهذا الشكل، او مجدولة بحيث يتم تأجيل ابرز ملفاتها الى ما بعد القبول بها، وضمن جدول زمني طويل، خطة فاشلة مسبقا، تضاف الى سلسلة طويلة من المبادرات الاميركية، التي ادت غاية وحيدة، هي منح اسرائيل المزيد من الوقت، لتنفيذ خططها الاستيطانية، وتغيير هوية القدس، وديموغرافيا الضفة والقدس ايضا.
ماهر ابو طير